وهذا لأجل أنّ دين موسى عليهالسلام لم يكن آخر دين ، ولم يكن موسى عليهالسلام خاتم الأنبياء ومن المسلم أنّ الأحكام الإلهية التي نزلت كانت في حدود ما يحتاجه الناس في ذلك الزمان ، ولكن عندما وصلت البشرية إلى آخر مرحلة حضارية للشرايع السماوية نزل آخر دستور إلهي يشمل جميع حاجات الناس المادية والمعنوية.
وتتّضح من هذا أيضاً علة تفضيل مقام علي عليهالسلام على مقام موسى عليهالسلام في بعض الروايات ، وهي أنّ علياً عليهالسلام كان عارفاً بجميع القرآن ، الذي فيه تبيان كل شيء (وَنَزَّلْنَا عَلَيْكَ الْكِتَابَ تِبْيَانًا لِّكُلّ شَىْءٍ) في حين أنّ التوراة لم يرد فيها إلّابعض المسائل.
٣ ـ في مجال قوله : (سَأُورِيكُمْ دَارَ الْفَاسِقِينَ) الظاهر أنّ المقصود منها هو جهنم ، وهي مستقرّ كل اولئك الذين يخرجون من طاعة الله ، ولا يقومون بوظائفهم الإلهية.
(سَأَصْرِفُ عَنْ آيَاتِيَ الَّذِينَ يَتَكَبَّرُونَ فِي الْأَرْضِ بِغَيْرِ الْحَقِّ وَإِنْ يَرَوْا كُلَّ آيَةٍ لَا يُؤْمِنُوا بِهَا وَإِنْ يَرَوْا سَبِيلَ الرُّشْدِ لَا يَتَّخِذُوهُ سَبِيلاً وَإِنْ يَرَوْا سَبِيلَ الغَيِّ يَتَّخِذُوهُ سَبِيلاً ذلِكَ بِأَنَّهُمْ كَذَّبُوا بِآيَاتِنَا وَكَانُوا عَنْهَا غَافِلِينَ (١٤٦) وَالَّذِينَ كَذَّبُوا بِآيَاتِنَا وَلِقَاءِ الْآخِرَةِ حَبِطَتْ أَعْمَالُهُمْ هَلْ يُجْزَوْنَ إِلَّا مَا كَانُوا يَعْمَلُونَ) (١٤٧)
مصير المتكبرين : البحث في هاتين الآيتين هو نوع من عملية استنتاج من الآيات الماضية عن مصير فرعون وملئه والعصاة من بني إسرائيل ، فقد بيّن الله في هذه الآيات الحقيقة التالية وهي : إذا كان الفراعنة أو متمرّدو بني إسرائيل لم يخضعوا للحق مع مشاهدة كل تلك المعاجز والبينات ، وسماع كل تلكم الحجج والآيات الإلهية ، فذلك بسبب أنّنا نصرف المتكبرين والمعاندين للحق ـ بسبب أعمالهم ـ عن قبول الحق. ولهذا يقول أوّلاً : (سَأَصْرِفُ عَنْءَايتِىَ الَّذِينَ يَتَكَبَّرُونَ فِى الْأَرْضِ بِغَيْرِ الْحَقّ).
ثم أشار تعالى إلى ثلاثة أقسام من صفات هذا الفريق «المتكبر المتعنت» وكيفية سلب توفيق قبول الحق عنهم.
الاولى قوله تعالى : (وَإِن يَرَوْا كُلَّءَايَةٍ لَايُؤْمِنُوا بِهَا) إنّهم لا يؤمنون حتى ولو رأوا جميع المعاجز والآيات ، والثانية : (وَإِن يَرَوْا سَبِيلَ الرُّشْدِ لَايَتَّخِذُوهُ سَبِيلاً) والثالثه إنّهم