ثمّ إنّ قيام الساعة يكون على حين غرّة ، وبدون مقدمات تدريجية ، بل على شكل مفاجيء وانقلاب سريع. (لَاتَأْتِيكُمْ إِلَّا بَغْتَةً).
ثمّ تقول الآية مرّة اخرى : (يَسَلُونَكَ كَأَنَّكَ حَفِىٌّ عَنْهَا).
وتضيف الآية مخاطبة النبي الكريم : (قُلْ إِنَّمَا عِلْمُهَا عِندَ اللهِ وَلكِنَّ أَكْثَرَ النَّاسِ لَا يَعْلَمُونَ).
(قُلْ لَا أَمْلِكُ لِنَفْسِي نَفْعاً وَلَا ضَرّاً إِلَّا مَا شَاءَ اللهُ وَلَوْ كُنْتُ أَعْلَمُ الْغَيْبَ لَاسْتَكْثَرْتُ مِنَ الْخَيْرِ وَمَا مَسَّنِيَ السُّوءُ إِنْ أَنَا إِلَّا نَذِيرٌ وَبَشِيرٌ لِقَوْمٍ يُؤْمِنُونَ) (١٨٨)
سبب النّزول
في تفسير مجمع البيان : قيل : إنّ أهل مكة قالوا : يا محمّد! ألا يخبرك ربّك بالسعر الرخيص قبل أن يغلو ، فتشتريه فتربح فيه ، وبالأرض التي تريد أن تجدب ، فنرتحل منها إلى أرض قد أخصبت؟ فأنزل هذه الآية.
التّفسير
لا يعلم الغيب إلّاالله : إنّ الكلام كان في الآية السابقة على عدم علم أحد بقيام الساعة إلّا الله ، والكلام في هذه الآية على نفي علم الغيب عن العباد بصورة كلية. ففي الجملة الاولى من هذه الآية خطاب للنبي صلىاللهعليهوآله يقول : (قُلْ لَّاأَمْلِكُ لِنَفْسِى نَفْعًا وَلَا ضَرًّا إِلَّا مَا شَاءَ اللهُ).
إنّ مالك جميع القوى والقدرات وذو الاختيار المستقل ـ وبالذات ـ في عالم الوجود هو الله عزوجل فحسب ، والآخرون حتى الأنبياء والملائكة يكتسبون منه القدرة ويستمدون منه القوة.
وبعد بيان هذا الموضوع تشير الآية إلى مسألة مهمّة اخرى ردّاً على سؤال جماعة منهم فتقول : (وَلَوْ كُنتُ أَعْلَمُ الْغَيْبَ لَاسْتَكْثَرْتُ مِنَ الْخَيْرِ وَمَا مَسَّنِىَ السُّوءُ).
ثمّ تحكي الآية عن مقام النبي الواقعي ورسالته ، في جملة موجزة صريحة ، فتقول على لسانه : (إِنْ أَنَا إِلَّا نَذِيرٌ وَبَشِيرٌ لّقَوْمٍ يُؤْمِنُونَ).