وهذا الحكم المستحب ورد عليه التأكيد إلى درجة أنّ بعض الروايات عبّرت عنه بالوجوب.
والمورد الوحيد الذي يجب فيه السكوت أو يكون حكم السكوت فيه واجباً ، هو في صلاة الجماعة ، إذ على المأموم أن يسكت ويستمع لقراءة الإمام ، حتى أنّ جمعاً من الفقهاء قالوا : إنّ هذه الآية تدل على سقوط الحمد والسورة من قبل المأموم «عند صلاة الجماعة».
وفي الآية التالية إكمالاً للأمر السابق يخاطب القرآن النبي الكريم ـ وهذا الحكم كلي وعام أيضاً وإن كان الخطاب موجهاً للنبي صلىاللهعليهوآله كما هو الحال في سائر آيات القرآن الاخرى وأحكامها ـ إذ يقول سبحانه في كتابه : (وَاذْكُرْ رَّبَّكَ فِى نَفْسِكَ تَضَرُّعًا وَخِيفَةً).
ثم يضيف قائلاً : (وَدُونَ الْجَهْرِ مِنَ الْقَوْلِ بِالْغُدُوّ وَالْأَصَالِ) (١).
(وَلَا تَكُن مّن الْغَافِلِينَ).
فذكر الله في كل حال وفي كل وقت ، صباحاً ومساءً ، مدعاة لإيقاظ القلوب وجلائها من الدرن ، وإبعاد الغفلة عن الإنسان. ومثله مثل مزنة الربيع ، إذا نزلت أحيت القلوب بأزهار التوجه والإحساس بالمسؤولية والبصيرة ، وكل عمل إيجابي بنّاء ....
ثم تختتم سورة الأعراف بهذه العبارة ، وهي أنّكم لستم المكلفون فقط بذكر الله بل من يذكر الله من موقع الخشية والاستكانة هم الملائكة المقربون : (إِنَّ الَّذِينَ عِندَ رَبّكَ لَا يَسْتَكْبِرُونَ عَنْ عِبَادَتِهِ وَيُسَبّحُونَهُ وَلَهُ يَسْجُدُونَ).
|
نهاية تفسير سورة الأعراف |
* * *
__________________
(١) «الآصال» : جمع الأصيل ، ومعناه قبيل المغرب أو عند الغروب.