فتأويل : إخبار عن حقيقة المراد ، والتفسير إخبار عن دليل المراد ، لأن اللفظ يكشف عن المراد والكاشف دليل ، مثاله قوله تعالى : (إِنَّ رَبَّكَ لَبِالْمِرْصادِ).
تفسيره : أنه من الرصد ، يقال : رصدته : رقبته ، والمرصاد ، مفعال منه.
وتأويله : التحذير من التهاون بأمر الله ، والغفلة عن الأهبة والاستعداد للعرض عليه.
وقواطع الأدلة تقتضى بيان المراد منه على خلاف وضع اللفظ فى اللغة.
وقيل : إن التفسير فى عرف العلماء كشف معانى القرآن ، وبيان المراد أعم من أن يكون بحسب اللفظ المشكل وغيره ، وبحسب المعنى الظاهر وغيره ، والتأويل أكثره فى الجمل. والتفسير إما أن يستعمل فى غريب الألفاظ ، نحو البحيرة والسائبة والوصيلة ، أو فى وجيز تبيين لشرح. نحو : (أَقِيمُوا الصَّلاةَ وَآتُوا الزَّكاةَ) ، وإما فى كلام متضمن لقصة لا يمكن تصويره إلا بمعرفتها ، كقوله : (إِنَّمَا النَّسِيءُ زِيادَةٌ فِي الْكُفْرِ) وقوله : (وَلَيْسَ الْبِرُّ بِأَنْ تَأْتُوا الْبُيُوتَ مِنْ ظُهُورِها).
وأما التأويل فإنه يستعمل مرة عاما ومرة خاصا ، نحو الكفر المستعمل تارة فى الجحود المطلق ، وتارة فى الجحود بالباري عزوجل خاصة ، والإيمان المستعمل فى التصديق المطلق تارة ، وفى تصديق الحق أخرى.
وإما فى لفظ مشترك بين معان مختلفة ، نحو لفظ ، وجد : المستعمل فى الجدة والوجد والوجود.
وقيل : التفسير يتعلق بالرواية ، والتأويل يتعلق بالدراية.
وقيل : التفسير ، مقصود على الاتباع والسماع والاستنباط مما يتعلق بالتأويل.
وقال قوم : ما وقع مبينا فى كتاب الله ومعينا فى صحيح السنة سمى تفسيرا ، لأن معناه قد ظهر ووضح ، وليس لأحد أن يتعرض إليه باجتهاد ولا غيره ، بل يحمله على المعنى الذي ورد لا يتعداه.