ونضيف هنا إلى أنّ هذا المؤلَّف كان مجرّد سرد عددي لأسماء الرواة عن الأئمّة عليهمالسلام ، فلم يذكر في حقّهم شيئاً من الوثاقة أو الضعف ولا الكتاب ولا الرواية. بل كان أقصى ما تمنّاه في الكتاب هو عدّهم من أصحاب رسول الله (صلى الله عليه وآله وسلم) وأئمّة الهدى عليهمالسلام. وهنا يتبادر سؤال مهمّ وهو : هل ان شيخ الطائفة قدسسره كان عاجزاً عن توثيقهم ، ام إنّه أراد من ذلك التصنيف أمراً آخر؟ والجواب على ذلك أنّ الشيخ الطوسي كان قادراً على بيان حال الرواة الذين ذكرهم من الوثاقة أو الضعف لو سنحت الظروف العلمية والإجتماعية بذلك. كيف لا ، وهو الخبير بأحوال الرجال واستقصاء صدقهم ومنزلتهم العلمية والنقلية. إلاّ أنّ مسلكه في الكتاب كان مجرّد الجمع خوفاً من ضياع ذلك الحدّ الأدنى من أحوال الرواة ، وهو عدّ أسمائهم على الأقلّ.
يقول المحقّق التستري : «أنّ مسلك الشيخ في رجاله يغاير مسلكه في الفهرس ومسلك النجاشي في فهرسه ، حيث إنّه أراد في رجاله استقصاء أصحابهم ومن روى عنهم مؤمناً كان أو منافقاً ، إمامياً كان أو عاميّاً. فعدّ الخلفاء ومعاوية وعمرو بن العاص ونظراءهم من أصحاب النبي (صلى الله عليه وآله وسلم). وعدّ زياد بن أبيه وابنه عبيد الله بن زياد من أصحاب أمير المؤمنين عليهالسلام. وعدّ منصور الدوانيقي من أصحاب الصادق عليهالسلام بدون ذكر شيء فيهم. فالإستناد إليه ما لم يحرز إمامية رجل غير جائز حتّى في أصحاب غير النبي (صلى الله عليه وآله وسلم) وأمير المؤمنين عليهالسلام فكيف في أصحابهما؟»(١). وهذا التقريب صحيح ، إلاّ أنّ مسلك الشيخ قدسسره في كتاب الرجال كان مجرّد ترتيب الأفراد حسب عصورهم من أجل إدراك شخصية الراوي وموقعه الزمني في عصر
__________________
(١) قاموس الرجال ١ / ١٩.