أحمد بن علي بن أحمد بن العبّاس النجاشي (ت ٤٥٠ هـ). وقد اضطربت الأقوال في زمن كتابته ، فهل كانت قبل كتابة فهرس الشيخ الطوسي أم بعده؟ والظاهر أنّ تأليف هذا الكتاب كان متأخّراً عن تأليف فهرس الشيخ ، كما تؤكّد بعض العوامل التأريخية. وفي ضوء هذا الاستظهار فإنّ النجاشي كان مطّلعاً على فهرس الشيخ. فقد أضاف النجاشي الى اسماء الرجال طرفاً من كناهم ، وألقابهم ، ومنازلهم ، وأنسابهم. وهذا هو الذي ميّز هذا الكتاب عن فهرس الشيخ الطوسي. وبالإضافة إلى تلك الميزة ، فإنّ هناك مؤشّرات تدلّ على دقّة النجاشي ومقدار عمقه في تحليل أحوال الرواة ، منها :
١ ـ إنّ الشيخ الطوسي لم يذكر في الرجل إلاّ (ما قيل فيه من التعديل والتجريح ، وهل يعوّل على روايته أو لا؟ ... وهل هو موافق للحقّ أم مخالف له؟)(١). بينما أدرج النجاشي (كلّ ما قيل في كلّ رجل منهم من مدح أو ذمّ)(٢). وهذه الشمولية التي نلمسها عند النجاشي لم تكن وليدة صدفة ، فقد كان المصنِّف مختصّاً بالأنساب ، فله كتاب أنساب بني نضر بن قعين وأيّامهم وأشعارهم. وعلمي الاّنساب والرجال شقّان لفنٍّ واحد ؛ لكن الأوّل أخذ بعداً اجتماعياً تأريخياً بينما أخذ الثاني بعداً إلزامياً دينياً. وقد كان النجاشي عربياً كوفياً سكن بغداد.
٢ ـ وباعتبـار أنّ النجـاشي كان من أسـاتذة هـذا الفـنّ فقد اعتبـر قوله مقـدّمـاً علـى قول سائـر أئمّـة الرجـال في مقـام المعارضـة في الجرح والتعديـل. وإلـى ذلك أشـار الشهيـد الثـاني قدسسره في كـتاب مسـالك الأفهـام : «وظاهر حال النجـاشي أنّه أضبـط الجمـاعة وأعرفـهم بحال
__________________
(١) الفهرس ـ الشيخ الطوسي ـ: ٢ المقدمة.
(٢) لاحظ تفاصيل تراجم الرواة في رجال النجاشي.