إلى زمان الشيخ الطوسي زهاء نيفاً ومائة كتاب(١). وقد أشار إلى ذلك الشيخ الطوسي قائلاً : «إنّا وجدنا الطائفة ميّزت الرجال الناقلة لهذه الأخبار فوثّقت الثقات منهم ، وضعّفت الضعفاء ، وفرّقت بين من يعتمد على حديثه وروايته وبين من لا يعتمد على خبره ، ومدحوا الممدوح منهم وذمّوا المذموم. وقالوا : فلان متّهم في حديثه ، وفلان كذّاب ، وفلان مخلّط ، وفلان مخالف في المذهب والاعتقاد ، وفلان واقفي ، وفلان فطحي ، وغير ذلك من الطعون التي ذكروها. وصنّفوا في ذلك الكتب واستثنوا الرجال من جملة ما رووه من التصانيف في فهارسهم ، حتّى أنّ واحداً منهم إذا أنكر حديثاً طعن في إسناده وضعفه بروايته. هذه هي عادتهم على قديم وحديث لا تنخرم»(٢).
فهذا يدلّ على أنّ توثيقات الأعلام المتقدّمين أو تضعيفاتهم ، حتّى وإن كانت حدسية ، إلاّ أنّها كانت أقرب إلى الحسّ حيث يطمئنّ إليها ويركن إلى صوابها.
٣ ـ نصّ أحد الأعلام المتأخّرين :
وهذا الطريق قد ينحصر في توثيقات من كان معاصراً للمخبر أو قريب العصر منه ، مثلاً توثيقات أعلام القرن السادس الهجري كالشيخ منتجب الدين (ت ٥٨٥ هـ) ، وابن شهرآشوب (ت ٥٨٨ هـ). فقد كان هذان العلمان يعتمدان في التوثيقات والتنصيصات على السماع ، أو الاستفاضة ، أو الاشتهار. وقد كان الشيخ الطوسي (ت ٤٦٠ هـ) المحطّة
__________________
(١) معجم رجال الحديث ١ / ٤١.
(٢) عدة الاصول: آخر فصل الرابع (في ذكر خبر الواحد) الصفحة الاخيرة.