فالقرينة الداخلية تعني وثاقة الرواة في سلسلة الإسناد. والقرائن الخارجية التي تدلّ على صحّة مضمون أخبار الآحاد هي أربعة : «منها : أن يكون موافقاً لأدلّة العقل وما اقتضاه. ومنها : أن يكون الخبر مطابقاً لنصّ الكتاب. ومنها : أن يكون الخبر موافقاً للسنّة المقطوع بها من جهة التواتر. ومنها : أن يكون موافقاً لما أجمعت الفرقة المحقّة عليه. فهذه القرائن كلّها تدلّ على صحّة متضمّن أخبار الآحاد ، ولا تدلّ على صحّتها بنفسها لإمكان كونها مصنوعة وإن وافقت الأدلّة ، فمتى تجرّد الخبر من واحد من هذه القرائن كان خبر واحد محضاً»(١). وهذه العبارة تدلّ على أنّ الصحيح ، في عرف الفقهاء المتقدّمين ، هو ما دلّت القرائن على صدق مضمونه أو ثبوت صدوره ، لا خصوص ما رواه الثقات من الرواة. ولكن تلك القرائن الخارجية خارجة عن محلّ البحث. فعلم الرجال يبحث في أحوال الرجال ، لا حال الأحاديث.
٣ ـ إنّ الخبر يوصف بالصحّة إذا تمّ توثيق تلك الجماعة ومن بعدهم إلى أن ينتهي إلى المعصوم عليهالسلام. ومعنى ذلك دخول مجموعة من المجاهيل والضعفاء في عداد الثقات. فالستّة الأُولى ، ومع أنّهم يروون عن الصادقين عليهمالسلام بلا واسطة في الأغلب ، إلاّ أنّهم يروون عن غيرهما كثيراً ، والطبقتين الأخيريتين ترويان عنهما مع الواسطة بكثير.
فقد قيل بأنّ إحراز صحّة الأحاديث لا يمكن أن يتمّ عن طريق القرينة الخارجية ، فلا بدّ من إحراز قرينة داخلية تدلّ على وثاقة هؤلاء ووثاقة من يروون عنه. ولكن هذا الرأي لا يمكن قبوله ، فلا سبيل إلى
__________________
(١) عدة الاصول ١ / ٢٦٧.