الإجماع هو صدق الجماعة وصحّة ما ترويه إذا لم يكن في السند من يتوقّف فيه. فإذا قال أحد أصحاب الإجماع : حدّثني فلان ، فإنّ الإجماع سينعقد على صدق دعواه. ولكن إذا كان فلان ضعيفاً أو غير معروف ، فالإسناد إليه من قبل الجماعة لا يغيّر من ضعفه شيئاً.
ولعلّ في عبارة الكشّي ما يؤيّد هذا الفهم. فقد قال في تسمية الطبقة الأولى : «أجمعت العصابة على تصديق هؤلاء الأوّلين من أصحاب أبي جعفر وأبي عبـد الله عليهالسلام وانقادوا لهم بالفقه ...»(١). وطبيعة التصديق تقتضي الحكم بصدقهم ضمن الحدود العقلائية التي تنفي عنهم العصمة على الأقل. وإلى ذلك صرّح الفيض الكاشاني إلى أن : «ما يصحّ عنهم هو الرواية لا المروي ، وإما ما اشتهر في تفسير العبارة من العلم بصحّة الحديث المنقول منهم ونسبته إلى أهل البيت عليهمالسلام بمجرّد صحّته عنهم ، من دون اعتبار العدالة فيمن يروون عنه ، حتّى لو رووا عن معروف بالفسق أو بوضع ، فضلاً عمّا لو أرسلوا الحديث ، كان ما نقلوه صحيحاً محكوماً على نسبته إلى أهل العصمة ، فليست العبارة صريحة في ذلك»(٢). وهو كذلك ، فالصحّة وصف مرتبط بالمتن والسند. فإذا اختلّ السند بضعف الراوي مثلاً ، فلا يمكن الإطمئنان الى متن الرواية المنقولة. فالمدار في توصيف الرواية بالصحّة هو الوثوق بالصدور عن المعصوم عليهالسلام.
والخلاصة :
إنّ عبارة الكشّي حول أصحاب الإجماع كانت ناظرة إلى وثاقتهم فقط ، لا صحّة أخبارهم ولا وثاقة مشايخهم.
__________________
(١) رجال الكشي رقم ٤٣١.
(٢) الوافي ١ / ٧٦٠ المقدمة الثالثة.