ثانياً : مشايخ الثقات :
اشتهر بين الفقهاء أنّ محمّـد بن أبي عمير ، وصفوان بن يحيى ، وأحمد بن محمّـد بن أبي نصر البزنطي لا يروون ولا يرسلون إلاّ عن ثقة. وأوّل من قال بذلك هو الشيخ الطوسي في عدّة الأُصول في آواخر بحثه عن خبر الواحد فذكر : «واذا كان أحد الراويين مسنداً والآخر مرسلاً ، نظر في حال المرسل ، فإن كان ممّن يعلم أنّه لا يرسل إلاّ عن ثقة موثوق به ، فلا ترجيح لخبر غيره على خبره ، ولأجل ذلك سوّت الطائفة بين ما يرويه محمّـد بن أبي عمير ، وصفوان بن يحيى ، وأحمد بن محمّـد بن أبي نصر وغيرهم من الثقات الذين عرفوا بأنّهم لا يروون ولا يرسلون إلاّ عمّن يوثّق به ، وبين ما أسنده غيرهم. ولذلك عملوا بمراسيلهم إذا انفردوا عن رواية غيرهم. فأمّا إذا لم يكن كذلك ويكون ممّن يرسل عن ثقة وعن غير ثقة فإنّه يقدّم خبر غيره عليه ، وإذا انفرد وجب التوقّف في خبره إلى أن يدلّ دليل على وجوب العمل به»(١).
وقد نوقش في هذه الدعوى باعتبار أنّها اجتهاد من الشيخ الطوسي نشأ من اعتقاده بتسوية الأصحاب بين مراسيل هؤلاء ومسانيد غيرهم. واجتهاد الشيخ قدسسره غير ملزم لغيره ، وخصوصاً المتأخّرين.
مجموع الآراء حول مشايخ الثقات :
١ ـ إنّ الشيخ الطوسي نفسه كان متوقّفاً في تسوية مراسيل الثلاثة بمسانيد غيرهم. فقد ذكر رواية محمّـد بن أبي عمير عن بعض أصحابنا
__________________
(١) عدة الأصول ١ / ٣٨٦.