ومن بعض المشركين الحريصين على الحياة ، فالواحد منهم يتمنى لو يعيش ألف سنة أو أكثر ، مع أن طول عمره ـ مهما امتد ـ ليس منقذا له من العذاب المعد له في الآخرة ، لأنه ميت لا محالة ، ولأنه ملاق ربه لا مفر ، والله محيط بكل أعمالهم لا يغيب عنه شيء منها.
وقد تحدث ابن القيم عن الوسائل التي تحقق الحياة الاخلاقية الفاضلة عند الانسان ، ونوجز هذه الوسائل في عدة أمور منها :
١ ـ معرفة الله تعالى ، والاهتداء الى طريقه ، والقيام بالمأمورات ، والانتهاء عن المنهيات ، في الظاهر والباطن.
٢ ـ محبة رسول الله صلىاللهعليهوسلم ، وتتبع أخباره ، وتلمس سننه ، والسير على طريقته في حب واجلال.
٣ ـ الاقبال على القرآن الكريم ، والاتقان لترتيله وتدبره ، واستنباط معانيه والاستجابة لدواعيه. فالوحي ـ وهو القرآن المجيد ـ حياة الروح ، كما ان الروح حياة البدن ، ومن فقد هذه الروح القرآنية فقد الحياة النافعة في الدنيا والآخرة.
٤ ـ استحضار صفات الله ذات الجلال والجمال والكمال.
٥ ـ شهود صفة «الحياة الكاملة» في الله الحي القيوم الذي لا تأخذه سنة ولا نوم.
٦ ـ أن يتقرب الانسان الحي الى ربه تعالى حتى يجد طعم قوله في الحديث القدسي : «لا يزال عبدي يتقرب اليّ بالنوافل حتى أحبه ، فاذا أحببته كنت سمعه الذي يسمع به ، وبصره الذي يبصر به ، ويده التي يبطش بها ، ورجله التي يمشي بها ، ولئن سألني لأعطينه ، وان استعاذ بي لأعيذنه».