خَيْرٍ فَإِنَّ اللهَ بِهِ عَلِيمٌ»»(١).
يراد بهؤلاء الفقراء «أهل الصفة» الذي شغلوا أنفسهم بحفظ القرآن المجيد ، والخروج مع السرايا ، والصفة كالظلة وزنا ومعنى ، وهي موضع مظلل من مسجد الرسول عليه الصلاة والسلام ، ولم تكن لهم بيوت ولا مأوى ، لأنهم هاجروا بدينهم ، وخلفوا وراءهم أملاكهم وأموالهم مضطرين ، وحيل بينهم وبينها ، فهم محصرون في سبيل الله بهذه الهجرة ، وبحبسهم أنفسهم على حفظ القرآن الكريم.
والمعنى ـ كما يقول أهل التفسير ـ ان الصدقات تعطى لهؤلاء الفقراء الذين حبسوا أنفسهم على الجهاد في سبيل الله ، أو حبسوا أنفسهم على طاعة الله ، أو حبسهم الفقر عن الجهاد ، أو لما جاهدوا أعداء الله أحصروا عن الضرب في شعاب الارض للكسب وطلب المعاش ، وروي أن الصحيح أنهم لفقرهم وعجزهم وضعفهم لا يستطيعون ضربا في الارض لكمال عفتهم وصيانتهم ، ويحسبهم من لم يعرف حقيقتهم انهم أغنياء ، وهؤلاء هم الخواص أصحاب الفضيلة ، لأنهم أنزلوا حاجتهم بمولاهم ، ولم يفتقروا الا الى بارئهم سبحانه.
وقد ذكرت الآية الكريمة لهؤلاء الفقراء خمس صفات كريمة :
١ ـ الاحصار في سبيل الله ، أي حبس النفس في سبيل الله ، وهي سبيل الاعمال الجليلة المشروعة كالجهاد والعلم.
٢ ـ لا يستطيعون ضربا في الارض ، فهم عاجزون عن الكسب بسبب انشغالهم.
٣ ـ يحسبهم الجاهل أغنياء من التعفف اذا رآهم لأنه يجهل حقيقة
__________________
(١) سورة البقرة ، الآية ٧٣.