«وَوَجَدَكَ عائِلاً فَأَغْنى»(١).
فكانوا أغنياء في فقرهم ، فقراء في غناهم.
فالفقر الحقيقي دوام الافتقار الى الله في كل حال ، وأن يشهد العبد ـ في كل ذرة من ذراته الظاهرة والباطنة ـ فاقة تامة الى الله من كل وجه. فالفقر ذاتي للعبد ، وانما يتجدد له لشهوده ووجوده حالا ، والا فهو حقيقة ، كما قال شيخ الاسلام ابن تيمية قدس الله روحه :
«الفقر لي وصف لازم أبدا |
|
كما ان الغنى أبدا وصف له ذاتي» |
وقيل لأبي تراب : ألك حاجة؟.
فأجاب السائل بقوله : يوم يكون لي اليك والى أمثالك حاجة ، لا يكون لي الى الله حاجة!!.
ولقد تحدث القوم عن الفرق بين «الفقير» و «الصوفى» ، وعن أيهما أفضل.
قالت طائفة بترجيح الصوفي على الفقير.
وقالت طائفة بترجيح الفقير على الصوفي.
وقالت طائفة : الفقر والتصوف شيء واحد.
وفضيلة الافتقار الى الله لا تنافي السعي والعمل والكسب الطيب الحلال. فمهما ملك المرء من رزقه الصافي فانه يظل شاعرا بحاجته الى ربه ومولاه ومفتقرا الى عونه وهداه ، ولذلك يقول أبو حفص : «أحسن ما يتوسل به العبد الى الله دوام الافتقار اليه على جميع الاحوال ، وملازمة السنة في جميع الافعال ، وطلب القوت من وجه حلال».
__________________
(١) سورة الضحى ، الآية ٨.