الفقر الخروج عن النفس ، وتسليمها لمالكها ومولاها ، فلا يخاصم لها ، ولا يتوكل لها ، ولا يحاجج عنها ، ولا ينتصر لها ، بل يفوض ذلك لمالكها وسيدها.
ويا له من مقام!! ..
ولقد قيل لبعض الصوفية : متى يستحق الفقير اسم الفقر؟.
فقال : اذا لم يبق عليه بقية منه.
قيل له : وكيف ذاك؟.
قال : «اذا كان له فليس له ، واذا لم يكن له فهو له»!.
وقد استهوت هذه العبارة الامام ابن القيم ، واستحوذت على جانب من اعجابه ، فقال يعلق عليها :
«وهذه من أحسن العبارات عن معنى الفقر الذي يشير اليه القوم ، وهو أن يصير كله لله عزوجل ، لا يبقى عليه بقية من نفسه وحظه وهواه ، فمتى بقي عليه شيء من أحكام نفسه ففقره مدخول.
ثم فسر ذلك بقوله : «اذا كان له فليس له» أي اذا كان لنفسه فليس لله ، واذا لم يكن لنفسه فهو لله. فحقيقة الفقر أن لا تكون لنفسك ، ولا يكون لك منها شيء ، بحيث تكون كلك لله ، واذا كنت لنفسك فثم ملك واستغناء مناف للفقر.
وهذا الفقر الذي يشيرون اليه لا تنافيه الجدة ولا الاملاك ، فقد كان رسل الله وأنبياؤه في ذروته مع جدتهم وملكهم ، كابراهيم الخليل صلىاللهعليهوسلم كان أبا الضيفان ، وكانت له الاموال والمواشي وكذلك كان سليمان وداود عليهماالسلام ، وكذلك كان نبينا صلىاللهعليهوسلم ، كان كما قال الله تعالى :