كُنْتُمْ تُحِبُّونَ اللهَ فَاتَّبِعُونِي يُحْبِبْكُمُ اللهُ»(١).
وهذا تفسير «ظلال القرآن» يعلق على هذه الآية الجليلة بهذه الكلمات : «ان الاستجابة لله وللرسول انما هي استجابة لدواعي الحياة ، فالرسول لا يدعو الناس الا الى الايمان بالله والعمل بشريعته ، تحكما فيهم ولا استعبادا لهم ، انما هو يدعوهم الى الحياة بكل معنى من معاني الحياة. يدعوهم الى عقيدة تحيي القلوب والعقول ، وتطلقها من أوهاق الجهل والخرافة ، ومن ضغط الاوهام والاساطير ، ومن رق التقليد وجمود التقاليد ، ويدعوهم الى شريعة تحيي الافراد والجماعات ، وتهيىء للجميع حياة كريمة متكاملة عادلة ، يأمن فيها كل انسان على دمه وعرضه وماله ، ويطمئن فيها الى عدالة التشريع والقضاء ، وكفالة المجتمع والدولة ، وسعادة الدنيا والآخرة ، ويدعوهم الى القوة والعزة والثقة بدينهم وبربهم ، ومكافحة الظلم والبغي والفساد على ثقة بالنصر من عند الله الذي يتولى الصالحين. ويدعوهم الى الجهاد لاعلاء كلمة الله ، وقد يصيبهم الموت في هذا الجهاد ، ولكن الاستشهاد حياة : حياة عند الله للشهداء ، وحياة لأمتهم في الارض واستعلاء. وهكذا دعاهم الى الموقعة التي أحيتهم وأعزتهم ، وأحيت الاسلام وركزت رايته على الاجيال.
ان الاسلام دين حياة لا عقيدة انعزال. دين ايجابي تنمو الحياة في ظله وترتقي ، لأنه يسبق خطا البشرية دائما ، ويقودها في مدارج التعمير والانشاء والتطور والارتقاء. انه نظام كامل لحياة كاملة ، وليس مجرد عقيدة روحية للتهذيب والارشاد. انه يأخذ من الحياة ويعطي ، ويدفع بالحياة الى الامام محكومة بنظامه الذي لم تعرف له البشرية نظيرا منذ كان الانسان.
__________________
(١) سورة آل عمران ، الآية ٣١.