ولم يذكر «الزيادة» ههنا ، لأنه تعالى قد ذكرها في سورة أخرى ، وهو قوله : «لِلَّذِينَ أَحْسَنُوا الْحُسْنى وَزِيادَةٌ».
وذكرت الآية أحوال الاشقياء عقب ذلك ، وهم الذين لم يعرفوا طريق الاستجابة ، وذكر أن لهم أنواعا من العذاب والعقوبة :
النوع الاول قوله «لَوْ أَنَّ لَهُمْ ما فِي الْأَرْضِ جَمِيعاً وَمِثْلَهُ مَعَهُ لَافْتَدَوْا بِهِ» أي لو استطاعوا لجعلوه فداء أنفسهم من العذاب ، وهيهات هيهات. يقول الرازي : «واعلم أن هذا المعنى حق ، لأن المحبوب بالذات لكل انسان هو ذاته ، وكل ما سواه فانما يحبه لكونه وسيلة الى مصالح ذاته ، فاذا كانت النفس في الضر والالم والتعب ، وكان مالكا لما يساوي عالم الاجساد والارواح ، فانه يرضى بأن يجعله فداء لنفسه ، لأن المحبوب بالعرض لا بد وأن يكون فداء لما يكون محبوبا بالذات».
النوع الثاني : هو قوله : «أُولئِكَ لَهُمْ سُوءُ الْحِسابِ» ، لأن كفرهم أحبط أعمالهم ، وكل ما شغلك بالله وعبادته ومحبته فهي الحالة السعيدة الشريفة العلوية القدسية ، وكل ما شغلك بغير الله ، فهي الحالة الضارة المؤذية الخسيسة. فالسعداء هم الذين استجابوا لربهم في الاعراض عما سوى الله ، وفي الاقبال على عبادة الله. وأما الاشقياء فهم الذين لم يستجيبوا لربهم فلهذا السبب وجب أن يحصل لهم سوء العذاب.
النوع الثالث : قوله تعالى : «وَمَأْواهُمْ جَهَنَّمُ». وذلك لأنهم كانوا غافلين عن طاعة الله ، مشغولين بلذات الدنيا وشهواتها ، فمصيرهم ومقرهم دار العذاب ، وهي جهنم.
* * *
هذا ويذكر الطوسي في «اللمع» تفاوت الناس في الاستجابة لله والرسول والحق ، فيذكر صنفا سمع دعوة الله وأقر بها وقبلها ، ولكنه