القادر على أن يكفي الانسان ويرزقه بغير حساب عند ما يشاء ، والله بقول لرسوله في سورة الضحى :
«وَوَجَدَكَ عائِلاً فَأَغْنى»(١).
والعائل هو المحتاج أو الفقير ، وقد كان رسول الله صلىاللهعليهوسلم فقيرا قليل المال ، فأغناه ربه بما وهبه له في التجارة ، وبما يسر له من مال خديجة ، وكذلك صار رسول الله بفضل الله أغنى من كل عباد الله ، لأنه استغنى بمولاه ، فهيأ له في الحياة كل العز والجاه.
وذهب أهل التفسير مذاهب تبهر في كيفية اغناء الله لرسوله هنا ، فمن قائل : أغناه من المال بعد فقره ، ومن قائل : أرضاه بما أعطاه ، وأغناه به عن سواه ، فالغنى هنا غنى النفس ، لا غنى المال ، وغنى النفس هو الغني الحقيقي. ومن قائل : أغناه من هذا ومن ذاك : أغناه من المال ، وأغنى قلبه به.
ويقول الذكر الحكيم في سورة التوبة :
«وَإِنْ خِفْتُمْ عَيْلَةً فَسَوْفَ يُغْنِيكُمُ اللهُ مِنْ فَضْلِهِ إِنْ شاءَ ، إِنَّ اللهَ عَلِيمٌ حَكِيمٌ»(٢).
أي ان خفتم فقرا فلا تنسوا أن الله عنده الغنى. وسبب نزول الآية كما ذكره ابن عباس هو أن المشركين كانوا يجيئون الى البيت الحرام ، ويجيئون معهم بألوان الطعام يتجرون فيه ، فنهى الله تعالى عن مجيء المشركين الى بيت الله الحرام ، فقال المسلمون : فمن أين لنا بالطعام؟. فنزل قوله تعالى :
__________________
(١) سورة الضحى ، الآية ٨.
(٢) سورة التوبة ، الآية ٢٨.