والخادم والعامل والطبيب والحاكم ، دع حاجته الى خالقه وخالق كل شيء ، التي قال تعالى فيها : «يا أَيُّهَا النَّاسُ أَنْتُمُ الْفُقَراءُ إِلَى اللهِ ، وَاللهُ هُوَ الْغَنِيُّ الْحَمِيدُ». وقد كان الله تعالى ولا شيء معه ، غنيا عن كل شيء ، وهو الآن على ما عليه كان ، غير محتاج الى عمل العاملين ، لأنه لا ينفعه ، بل ينفعهم ، ولا الى دفع عمل العاصين ، لأنه لا يضره ، بل يضرهم ، فالتكليف والجزاء عليه رحمة منه سبحانه بهم ، يكمل نقص المستعد للكمال.
ويقول تعالى في سورة البقرة :
«وَاعْلَمُوا أَنَّ اللهَ غَنِيٌّ حَمِيدٌ»(١).
أي غني عن عطاء الناس اطلاقا :
«ما أُرِيدُ مِنْهُمْ مِنْ رِزْقٍ وَما أُرِيدُ أَنْ يُطْعِمُونِ ، إِنَّ اللهَ هُوَ الرَّزَّاقُ ذُو الْقُوَّةِ الْمَتِينُ»(٢).
فاذا بذل الناس شيئا فانما يبذلونه لأنفسهم ، فليبذلوه طيبا ، وليبذلوه طيبة به نفوسهم كذلك ، فالله حميد يتقبل الطيبات ، ويحمدها ويثيب عليها بالحسنى.
وقد تكرر وصف الله بأنه «غَنِيٌّ حَمِيدٌ*» نحو عشر مرات ، ولعل السر في ذلك ـ والله أعلم بمراده ـ هو تأكيد الاشارة الى أن الله مطلق الغنى ، ومع غناه المطلق يحمد العمل الطيب من خلقه ، ويجازي عليه الجزاء الجميل.
والغنى بالله يجعل الانسان موقنا بأن ما عند الله خير وأبقى. وأنه
__________________
(١) سورة البقرة ، الآية ٢٦٧.
(٢) سورة الذاريات ، الآية ٥٧ و ٥٨.