وقد تكرر وصف الله تعالى في القرآن المجيد بوصف «الغني» عدة مرات في سورة البقرة جاء قوله تعالى :
«قَوْلٌ مَعْرُوفٌ وَمَغْفِرَةٌ خَيْرٌ مِنْ صَدَقَةٍ يَتْبَعُها أَذىً وَاللهُ غَنِيٌّ حَلِيمٌ».
وفي الاسمين الكريمين : «غَنِيٌّ حَلِيمٌ» تنفيس لكرب الفقراء ، وتعزية لهم ، وتعليق لقلوبهم بحبل الرجاء بالله الغني المغني ، وتهديد للاغنياء ، وانذار لهم أن يغتروا بحلم الله ، وامهاله اياهم ، وعدم معاجلتهم بالعقاب على كفرهم بنعمته عليهم بالمال ، فانه يوشك أن يسلبها منهم في يوم من الايام.
ويقول في سورة الانعام :
«وَرَبُّكَ الْغَنِيُّ ذُو الرَّحْمَةِ»(١).
ويعلق تفسير المنار على الآية بقوله : «هو الغنيّ الكامل الغنى ، وذو الرحمة الكاملة الشاملة ، التي وسعت كل شيء. أما الاول فبيانه أن الغنى هو عدم الحاجة ، وانما يكون على اطلاقه وكمال معناه ـ بل أصل معناه ـ لواجب الوجود ، والصفات الكمالية بذاته ، وهو الرب الخالق ، اذ كل ما عداه ، فهو محتاج اليه في وجوده وبقائه ، ومحتاج بالتبع لذلك الى الاسباب التي جعلها تعالى قوام وجوده.
وانما يقال في الخلق : هذا غني ، اذا كان واحدا لأهم هذه الاسباب ، فغنى الناس مثلا اضافي عرفي ، لا حقيقي مطلق ، فان ذا المال الكثير الذي يسمى غنيا كثير الحاجات ، فقير الى كثير من الناس ، كالزوج
__________________
(١) سورة الانعام ، الآية ١٣٣.