ولقد جاء في كتاب «البداية والنهاية» لابن الأثير أن النبي صلىاللهعليهوآله قال لأبي بكر : متى توتر؟
فأجاب أبو بكر : أول الليل.
وقال النبي لعمر : متى توتر؟.
فأجاب عمر : من آخر الليل.
فقال الرسول لأبي بكر : أخذت بالحزم.
وقال لعمر : أخذت بالعزم.
أراد صلوات الله وسلامه عليه أن أبا بكر حذر فوات الوتر بالنوم فاحتاط وقدّمه ، وأن عمر وثق بالقوة على قيام الليل فأخّر الوتر ، واذا كان أبو بكر قد أحسن ، لأنه قدم الحزم على العزم ، فان عمر قد أحسن كذلك ، لأن عزيمته وجهته الى طريق الثقة والقوة ، ورضوان الله تبارك وتعالى على العمرين : أبي بكر وعمر.
وهدى الرسول صلىاللهعليهوآله يرشدنا الى أن العزيمة لا تستلزم التشدد أو التنطع ، أو القسوة على النفس في مواطن التيسير ، ولذلك يقول : «ان الله يحب أن تؤتى رخصه كما يحب أن تؤتى عزائمه» والعزائم جمع عزيمة ، وهي الحق والواجب ، فاذا كان صاحب العزيمة يمضي في أداء الواجبات والفرائض بجد واجتهاد ، فانه ينبغي له أن يتقبل بقبول حسن ما يسوقه اليه من تيسير في المواطن التي يناسبها التيسير.
كما يرشدنا الهدى النبوي أن العزم فيه عقد نية ، وهو نوع من الاستقرار وعقد القلب ، فيقول : «لا صيام لمن لم يعزم من الليل». أي لم يعقد نية الصوم من الليل.
وللرسول عليه الصلاة والسلام موقف تجلت فيه القدوة العليا