أي عملوا الاعمال الصالحة ، مؤمنين بالله ، مبتغين وجهه ، وأوصى بعضهم بعضا بالصبر على طاعة الله ، والابتعاد عن معاصيه ، والاحتمال لما أصابهم ، وأوصى بعضهم بعضا كذلك بالرحمة على الخلق ، فرحموا اليتيم والمسكين والضعيف ، أولئك هم أهل اليمين ، أهل اليمن والتوفيق ، فهم يأخذون صحفهم بأيمانهم ويدخلون جنات النعيم.
ويعلق تفسير الرازي على الآية الكريمة بقوله : «فالمعنى انه كان يوصي بعضهم بعضا بالصبر على الايمان ، والثبات عليه ، أو بالصبر عن المعاصي ، وعلى الطاعات والمحن التي يبتلى بها المؤمن. ثم ضم اليه التواصي بالمرحمة ، وهي أن يحث بعضهم بعضا على أن يرحم المظلوم أو الفقير ، أو يرحم المقدم على منكر فيمنعه منه ، لأن كل ذلك داخل في الرحمة.
وهذا يدل على أنه يجب على المرء أن يدل غيره على طريق الحق ، ويمنعه من سلوك طريق الشر والباطل ما أمكنه.
واعلم أن قوله «ثُمَّ كانَ مِنَ الَّذِينَ آمَنُوا وَتَواصَوْا بِالصَّبْرِ وَتَواصَوْا بِالْمَرْحَمَةِ» يعني يكون مقتحم العقبة من هذه الزمرة والطائفة ، وهذه الطائفة هم أكابر الصحابة ، كالخلفاء الاربعة وغيرهم ، فانهم كانوا مبالغين في الصبر على شدائد الدين والرحمة على الخلق.
وبالجملة فقوله : «وَتَواصَوْا بِالصَّبْرِ» اشارة الى التعظيم لأمر الله ، وقوله : «وَتَواصَوْا بِالْمَرْحَمَةِ» اشارة الى الشفقة على خلق الله ، ومدار أمر الطاعات ليس الا على هذين الاصلين ، وهو الذي قاله بعض المحققين : ان الاصل في التصوف أمران : صدق الحق ، وخلق مع الخلق.
ثم انه سبحانه لما وصف هؤلاء المؤمنين بيّن أنهم من هم في القيامة ، فقال : «أُولئِكَ أَصْحابُ الْمَيْمَنَةِ» وانما ذكر ذلك لأنه تعالى بيّن حالهم