ولا معقب لقضائه ، ولا مهرب لعبد عن معصيته ، الا بتوفيقه ورحمته ، ولا قوة له على طاعته الا بمشيئته وارادته ، فلو اجتمع الانس والجن والملائكة والشياطين على أن يحركوا في العالم ذرة أو يسكنوها دون ارادته ومشيئته لعجزوا عن ذلك».
* * *
ولقد أثنى الحق عز شأنه على عباده الابرار أصحاب الارادة المستقيمة الكريمة ، فقال في سورة الانعام :
«وَلا تَطْرُدِ الَّذِينَ يَدْعُونَ رَبَّهُمْ بِالْغَداةِ وَالْعَشِيِّ يُرِيدُونَ وَجْهَهُ»(١).
أي يريدون طاعته ويخلصون فيها ، ويتوجهون الى الله لا الى غيره ، وخص الغداة والعشي بالذكر ـ وهما أول النهار وآخره ـ لأن الشغل الدنيوي غالب فيهما على الناس ، ومن كان في وقت الشغل مقبلا على العبادة فهو في أوقات الفراغ من الشغل أعمل ، أو لعله أراد أنهم يدعون ربهم في كل الاوقات ، وعبر عن الكل بالبداية والنهاية.
وعاد القرآن المجيد الى تأكيد هذا المعنى فقال في سورة الكهف :
«وَاصْبِرْ نَفْسَكَ مَعَ الَّذِينَ يَدْعُونَ رَبَّهُمْ بِالْغَداةِ وَالْعَشِيِّ يُرِيدُونَ وَجْهَهُ ، وَلا تَعْدُ عَيْناكَ عَنْهُمْ تُرِيدُ زِينَةَ الْحَياةِ الدُّنْيا»(٢).
وأرشد القرآن الى أن مكارم الصفات ارادة العزة الحقيقية القويمة ،
__________________
(١) سورة الانعام ، الآية ٥٢.
(٢) سورة الكهف ، الآية ٢٨.