القرآن بشأن الاشفاق حين جعله صفة من صفات الملائكة الذين هم عباد الله المكرمون ، الذين لا يعصون الله ما أمرهم ، ويفعلون ما يؤمرون ، وهذا نفهم منه أن الاشفاق لا يقتضي أن يكون هناك ذنب يخاف منه صاحبه أو يهابه ، فالله جل جلاله يقول في سورة الانبياء عن الملائكة :
«يَعْلَمُ ما بَيْنَ أَيْدِيهِمْ وَما خَلْفَهُمْ وَلا يَشْفَعُونَ إِلَّا لِمَنِ ارْتَضى وَهُمْ مِنْ خَشْيَتِهِ مُشْفِقُونَ»(١).
أي خائفون من هيبته وجلاله ، وهم مشفقون مع أنهم ليس لهم ذنب ، وهم بطبيعتهم خائفون لله ، مشفقون من خشيته ، على قربهم وطهارتهم ، وطاعتهم التي لا استثناء فيها ، ولا انحراف عنها.
وكذلك ذكر القرآن المجيد أن «الاشفاق» من صفات المتقين ، فقال في سورة الانبياء :
«الَّذِينَ يَخْشَوْنَ رَبَّهُمْ بِالْغَيْبِ وَهُمْ مِنَ السَّاعَةِ مُشْفِقُونَ»(٢)
أي : وهم من عذاب يوم القيامة وسائر ما يجري فيه من السؤال والحساب مشفقون ، فيعدلون بسبب هذا الاشفاق عن معصية الله تعالى ، وهم تستشعر قلوبهم خشية الله تعالى وهم لم يروه ، ويخافون الآخرة فيعملون لها ويستعدون ، وهؤلاء هم الذين ينتفعون بضياء الله ويسيرون على هداه.
ويقرر القرآن أيضا أن الاشفاق صفة للمسارعين في الخيرات وهم بها سابقون ، فيقول في سورة المؤمنين :
__________________
(١) سورة الانبياء ، ٢٨.
(٢) سورة الانبياء ، الآية ٤٩.