«إِنَّ الَّذِينَ هُمْ مِنْ خَشْيَةِ رَبِّهِمْ مُشْفِقُونَ ، وَالَّذِينَ هُمْ بِآياتِ رَبِّهِمْ يُؤْمِنُونَ ، وَالَّذِينَ هُمْ بِرَبِّهِمْ لا يُشْرِكُونَ ، وَالَّذِينَ يُؤْتُونَ ما آتَوْا وَقُلُوبُهُمْ وَجِلَةٌ أَنَّهُمْ إِلى رَبِّهِمْ راجِعُونَ ، أُولئِكَ يُسارِعُونَ فِي الْخَيْراتِ وَهُمْ لَها سابِقُونَ»(١).
وقد علق الفخر الرازي على هذه الآيات بقوله : «اعلم أنه تعالى لما ذم من تقدم ذكره بقوله : «أَيَحْسَبُونَ أَنَّما نُمِدُّهُمْ بِهِ مِنْ مالٍ وَبَنِينَ نُسارِعُ لَهُمْ فِي الْخَيْراتِ» ثم قال : «بَلْ لا يَشْعُرُونَ» بيّن بعده صفات من يسارع في الخيرات ويشعر بذلك ، وهي أربعة :
الصفة الاولى قوله : «إِنَّ الَّذِينَ هُمْ مِنْ خَشْيَةِ رَبِّهِمْ مُشْفِقُونَ» والاشفاق يتضمن الخشية مع زيادة رقة وضعف ، فمنهم من قال : جمع بينهما للتأكيد ، ومنهم من حمل الخشية على العذاب. والمعنى : الذين هم من عذاب ربهم مشفقون. وهو قول الكلبي ومقاتل.
ومنهم من حمل الاشفاق على أثره وهو الدوام في الطاعة ، والمعنى : الذين هم من خشية ربهم دائمون في طاعته ، جادّون في طلب مرضاته.
والتحقيق أن من بلغ في الخشية الى حد الاشفاق ـ وهو كمال الخشية ـ كان في نهاية الخوف من سخط الله عاجلا ، ومن عقابه آجلا ، فكان في نهاية الاحتراز عن المعاصي».
ثم تحدث الرازي عن الصفة الثانية وهي الايمان بآيات الله جل جلاله ، وعن الصفة الثالثة وهي عدم الاشراك بالله سبحانه ، ثم قال :
__________________
(١) سورة المؤمنون ، الآية ٥٧ ـ ٦١.