النبي رأوا الناس قد فقهوا في الدين ، فهمّوا بمعاقبة أولادهم وأهلهم ، فأنزل الله قوله :
«وَإِنْ تَعْفُوا وَتَصْفَحُوا وَتَغْفِرُوا فَإِنَّ اللهَ غَفُورٌ رَحِيمٌ».
ويقول الله جل علاه في سورة النور :
«وَلا يَأْتَلِ أُولُوا الْفَضْلِ مِنْكُمْ وَالسَّعَةِ أَنْ يُؤْتُوا أُولِي الْقُرْبى وَالْمَساكِينَ وَالْمُهاجِرِينَ فِي سَبِيلِ اللهِ وَلْيَعْفُوا وَلْيَصْفَحُوا أَلا تُحِبُّونَ أَنْ يَغْفِرَ اللهُ لَكُمْ وَاللهُ غَفُورٌ رَحِيمٌ»(١).
جاء في تفسير «مفاتيح الغيب» للرازي أن هذه الآية نزلت في أبي بكر الصديق حيث حلف أن لا ينفق على مسطح بن أثاثة ، وهو ابن خالة أبي بكر ، وقد كان يتيما في حجره ، وكان ينفق عليه وعلى قرابته ، فلما جاءت قصة الافك قال لهم أبو بكر : قوموا فلستم مني ولست منكم ، ولا يدخلن عليّ أحد منكم.
فقال مسطح : أنشدك الله والاسلام ، وأنشدك القرابة والرحم أن لا تحوجنا الى أحد ، فما كان لنا في أول الامر من ذنب.
فقال لمسطح : ان لم تتكلم فقد ضحكت.
فقال : قد كان ذلك تعجبا من قول حسان.
فلم يقبل أبو بكر عذره ، وقال : انطلقوا ايها القوم ، فان الله لم يجعل لكم عذرا ولا فرجا.
فخرجوا لا يدرون أين يذهبون وأين يتوجهون من الارض ، فبعث
__________________
(١) سورة النور ، الآية ٢٢.