في رحمة خاصة منه ، لا يدخل فيها سواهم ، وفضل خاص لا يتفضل به على غيرهم. ويدل على هذا التخصيص تنكير الفضل والرحمة ، ورحمة الله وفضله غير محصورين ، ولكنه يختص من يشاء بما شاء من أنواعهما.
وقد فسرت الرحمة هنا بالجنة ، والفضل بما يزيد الله به أهلها على ما يستحقون من الجزاء ، كما قال في آية اخرى «وَيَزِيدُهُمْ مِنْ فَضْلِهِ».
ويمكن أن يفسّرا بما هو أعم من نعيم الآخرة جزاء وزيادة ، فيشملا ما يكون لأهل الاعتصام بالقرآن ـ الذي هو حبل الله المتين ـ من الخصوصية في الدنيا ، اذ يكونون رحمة للناس بعلومهم وأعمالهم وفضائلهم. ويهديهم اليه صراطا مستقيما : أي ويهديهم تعالى هداية خاصة موصلة اليه ، صراطا مستقيما ، أي طريقا قويما قريبا ، يبلغون به الغاية من العمل بالقرآن ، أما في الدنيا فبالسيادة والعزة والكمال ، وأما في الآخرة فبالجنة والرضوان ، فهذا الصراط المستقيم لا يهتدى اليه الا بالاعتصام بالقرآن الكريم.
فيا خسارة المعرضين ، ويا طوبى للمعتصمين. وقد صدق وعد الله للصادقين ، ففاز من اعتصم من الاولين ، وخاب وخسر من أعرض من الآخرين ، فعسى أن يعتبر بذلك المنتمون في هذا العصر الى هذا الدين»!.
ويقول القرآن في ختام سورة الحج :
«وَجاهِدُوا فِي اللهِ حَقَّ جِهادِهِ هُوَ اجْتَباكُمْ وَما جَعَلَ عَلَيْكُمْ فِي الدِّينِ مِنْ حَرَجٍ مِلَّةَ أَبِيكُمْ إِبْراهِيمَ هُوَ سَمَّاكُمُ الْمُسْلِمِينَ مِنْ قَبْلُ وَفِي هذا لِيَكُونَ الرَّسُولُ شَهِيداً عَلَيْكُمْ وَتَكُونُوا شُهَداءَ عَلَى النَّاسِ فَأَقِيمُوا الصَّلاةَ وَآتُوا الزَّكاةَ