وعصمة الله للانبياء هي حفظهم أولا بما خصهم الله به من صفاء الجوهر ، ثم بما أولاهم من الفضائل الحسية والنفسية ، ثم بالنصر وتثبيت الأقدام ، ثم بانزال السكينة عليهم ، وبحفظ قلوبهم ، وبالتوفيق. هكذا ذكر الاصفهاني في «مفردات القرآن».
ومع ما من الله به على رسوله من العصمة ، كان عليه الصلاة والسلام يدعو ربه بمثل قوله : «اللهم أصلح لي ديني الذي هو عصمة أمري» وقوله : «اللهم اعصمني من الشيطان الرجيم» وقوله : «واعصمني فيما بقي من عمري».
ولقد عني سيدنا رسول الله بفضيلة الاعتصام بالله وما تفيضه على صاحبها المخلص فيها من الصيانة والرعاية ، وقد روى البخاري قوله صلىاللهعليهوسلم : «ما بعث الله من نبي ، ولا استخلف من خليفة الا كانت له بطانتان : بطانة تأمره بالمعروف وتحضه عليه ، وبطانة تأمره بالشر وتحضه عليه ، فالمعصوم من عصم الله».
أي المعصوم من وقاه ربه وحماه من الوقوع في الهلاك أو ما يجر اليه ، وقال ابن حجر في «فتح الباري» ان عصمة الله للانبياء عليهم الصلاة والسلام هي حفظهم من النقائص ، وتخصيصهم بالكمالات النفسية ، والنصرة والثبات في الامور ، وانزال السكينة عليهم. والفرق بينهم وبين غيرهم أن العصمة في حق الانبياء بطريق الوجوب ، وفي حق غيرهم بطريق الجواز.
ويعلمنا القرآن أن التجاءنا الى الله ، واعتمادنا عليه ، واستمدادنا منه ، هو المفتاح لعصمته لنا ، ولا نجاة لنا دون هذه العصمة الواقية منه ، ولذلك يقول سبحانه في سورة الاحزاب :
«قُلْ مَنْ ذَا الَّذِي يَعْصِمُكُمْ مِنَ اللهِ إِنْ أَرادَ بِكُمْ