يشاء ، بعلم وحكمة ، وليس متاع الدنيا هو كل شيء ، وليس هو الشيء المهم الذي يفرح به عباد الله ، ولقد فرح الكفار بما أوتوا من متاع الحياة الدنيا على سبيل الاستدراج والامهال ، وهذا فرح في غير موضعه ، لأن الحياة الدنيا بالنسبة الى الدار الآخرة قليلة حقيرة ، والحديث يقول : «ما الدنيا في الآخرة الا كما يجعل أحدكم اصبعه هذه في اليم ، فلينظر بم ترجع».
وجاء في سورة النمل قوله سبحانه :
«فَلَمَّا جاءَ سُلَيْمانَ قالَ أَتُمِدُّونَنِ بِمالٍ ، فَما آتانِيَ اللهُ خَيْرٌ مِمَّا آتاكُمْ ، بَلْ أَنْتُمْ بِهَدِيَّتِكُمْ تَفْرَحُونَ»(١).
فقد أرسلت «بلقيس» بهدايا من ذهب الى سليمان ، لأنها تعلم أن الهدية تقع موقعها من الناس ، فلم يلق سليمان بالا الى الهدية. ولم يفرح بها ، بل أعرض عنها. وقال منكرا : أتصانعونني بالمال لأترككم على شرككم؟ فأنا لا أفرح بمثل هذا ، والله سبحانه قد أعطاني خيرا مما أعطاكم.
وجاء في سورة القصص :
«إِنَّ قارُونَ كانَ مِنْ قَوْمِ مُوسى فَبَغى عَلَيْهِمْ وَآتَيْناهُ مِنَ الْكُنُوزِ ما إِنَّ مَفاتِحَهُ لَتَنُوأُ بِالْعُصْبَةِ أُولِي الْقُوَّةِ إِذْ قالَ لَهُ قَوْمُهُ لا تَفْرَحْ إِنَّ اللهَ لا يُحِبُّ الْفَرِحِينَ»(٢).
ان قارون طغى على قومه وبغى بسبب كثرة المال : «كَلَّا إِنَّ الْإِنْسانَ
__________________
(١) سورة النمل ، الآية ٣٦.
(٢) سورة القصص ، الآية ٤٦.