ومن هذه الاقوال نفهم أن سلامة القلب في عرف المفهوم الاخلاقي القرآني تعطي معاني الطهر والصفاء ، والايمان بالله جل جلاله ، والاعتقاد فيما شرع الله ، والتحرز من الرذائل والعيوب.
وقد أغرب بعضهم في التفسير فقال ان كلمة «السليم» معناها : اللديغ من خشية ، ولذلك قال جار الله الزمخشري : «هذا من بدع التفاسير».
وقد أشار القرآن المجيد الى فضيلة سلامة القلب ، فقال في سورة الشعراء :
«يَوْمَ لا يَنْفَعُ مالٌ وَلا بَنُونَ ، إِلَّا مَنْ أَتَى اللهَ بِقَلْبٍ سَلِيمٍ»(١).
أي لا يقي المرء من عذاب الله ماله ولو كثر ، ولا بنوه وان كثروا ، فلا ينفعه الافتداء بملء الارض ذهبا ، ولا ينفعه الافتداء بمن على الارض جميعا ، ولا ينفع يومئذ الا الايمان بالله ، واخلاص الدين له ، والتبري من الشرك وأهله ، وانما يفوز يومئذ من أتى الله بقلب سليم ، خالص من الشرك ، بعيد عن الدنس.
ان يوم القيامة تختلف موازينه عن موازين الدنيا ، فلا ينفع المال ولا البنون أحدا ، ولكن من أقبل على الله بنفس منزهة عن الشرك والنفاق ، وقلب صاف طهور لا اثم فيه ولا دغل ـ وهو قلب المؤمن ، فهو الفائز بفضل الله وثوابه ، وكذلك يفوز من انفق ماله في الخير ، ومن كان ولده صالحا ، ولذلك جاء في الحديث : «اذا مات ابن آدم انقطع عمله الا من ثلاث : صدقة جارية ، أو علم ينتفع به ، أو ولد صالح يدعو له».
__________________
(١) سورة الشعراء ، الآية ٨٨ ـ ٨٩.