آفات القلوب وعيوبها ، ومجرد وصف ابراهيم بهذا الوصف وهو «سلامة القلب» فيه تشريف لهذه الفضيلة ، وتنوه بشأنها أي تنوه ، لأن ابراهيم هو خليل الرحمن وأبو الانبياء عليهم الصلاة والسلام.
ونحن نجد وصف «سلامة القلب» منسوبا الى ابراهيم في القرآن مرتين ، هذه المرة في سورة الصافات ، وتلك المرة السابقة عليها في سورة الشعراء ، وفي الشعراء يمضي النص هكذا على لسان ابراهيم :
«وَلا تُخْزِنِي يَوْمَ يُبْعَثُونَ ، يَوْمَ لا يَنْفَعُ مالٌ وَلا بَنُونَ ، إِلَّا مَنْ أَتَى اللهَ بِقَلْبٍ سَلِيمٍ»(١).
ويحسن بنا أن نردد هنا ما ذهب اليه بعض بصراء المفسرين من اننا نستشف من قولة ابراهيم عليهالسلام : «وَلا تُخْزِنِي يَوْمَ يُبْعَثُونَ» مدى شعوره بهول اليوم الآخر ، ومدى حيائه من ربه ، وخشيته من الخزي أمامه ، وخوفه من تقصيره ، وهو النبي الكريم.
كما نستشف من قوله : «يَوْمَ لا يَنْفَعُ مالٌ وَلا بَنُونَ إِلَّا مَنْ أَتَى اللهَ بِقَلْبٍ سَلِيمٍ» مدى ادراكه لحقيقة ذلك اليوم ، وادراكه كذلك لحقيقة القيم ، فلا يوجد في يوم الحساب من قيمة الا قيمة الاخلاص الذي يجعل القلب كله لله ، ويجعله متحررا من كل شائبة وغرض ومرض ، صافيا من الشهوات والانحرافات ، خاليا من التعلق بغير الله ، فهذه هي سلامته التي تجعل له وزنا وقيمة «يَوْمَ لا يَنْفَعُ مالٌ وَلا بَنُونَ ، إِلَّا مَنْ أَتَى اللهَ بِقَلْبٍ سَلِيمٍ» ولا ينفع شيء من هذه القيم الزائفة الباطلة ، التي يتكالب عليها المتكالبون في الارض ، وهي لا تزن شيئا في ميزان الله العادل.
وحين نقف أمام قول الله تعالى في الصافات : «وَإِنَّ مِنْ شِيعَتِهِ
__________________
(١) سورة الشعراء ، الآية ٨٧ ـ ٨٩.