لَإِبْراهِيمَ ، إِذْ جاءَ رَبَّهُ بِقَلْبٍ سَلِيمٍ» نجد أحد البصراء بالتفسير يعلق على الآية الاخيرة من هاتين الآيتين بقوله :
«يبرز من صفة ابراهيم سلامة القلب وصحة العقيدة وخلوص الضمير : «اذا جاء ربه بقلب سليم» وهي صورة الاستسلام الخالص ، تتمثل في مجيئه لربه ، وصورة النقاء والطهارة والبراءة والاستقامة تتمثل في سلامة قلبه ، والتعبير بالسلامة تعبير موح مصور لمدلوله ، وهو في الوقت ذاته بسيط قريب المعنى واضح المفهوم ، ومع أنه يتضمن صفات كثيرة من البراءة والنقاوة ، والاخلاص والاستقامة ، الا أنه يبدو بسيطا غير معقد ، ويؤدي معناه بأوسع مما تؤديه هذه الصفات كلها مجتمعات ، وتلك احدى بدائع التعبير القرآني الفريد.
وبهذا القلب السليم ، استنكر ما عليه قومه واستبشعه ، استنكار الحس السليم لكل ما تنبو عنه الفطرة الصادقة من تصور ومن سلوك».
* * *
والحديث عن «سلامة القلب» يدعونا الى الحديث عن «القلب».
ان القلب في عرف رجال التربية والاخلاق لطيفة ربانية روحية ، هي حقيقة الانسان ، ولها علاقة بالقلب الحسي المودع في الجانب الايسر من الصدر ، والقلب ـ كما يقول أبو حامد الغزالي ـ هو العالم بالله ، المتقرب الى الله ، العامل لله ، الساعي الى الله ، المكاشف بما عند الله ، والجوارح أتباع وخدم ، وآلات يستخدمها القلب ، ويستعملها استعمال المالك للمملوك ، أو الراعي للرعية.
والقلب هو المقبول عند الله اذا سلم لله ، ولم يكن محجوبا عن الله ، وهو الذي يسعد بالقرب من الله فيفلح اذا زكاه صاحبه ، وهو الذي يخيب ويشقى اذا دنسه ودساه ، وهو المطيع لله في الحقيقة ، والذي