فالعارف بالله كما يقول القشيري يرجو لقاء الله والنظر اليه ، والعمل الصالح الذي بوجوده يصل الى لقائه هو صبره على لواعج اشتياقه وان يخلص في عمله.
وقد قال بعض المفسرين : عجلت شوقا اليك ، فستر الشوق بلفظ الرضا.
وعلامة الشوق الى لقاء الله تبارك وتعالى هو فطام الجوارح عن الشبهات. وقيل ان علامة الشوق حب الموت مع الراحة والعافية ، كحال يوسف عليهالسلام لما ألقي في الجب لم يقل لربه : «توفني» ولما أدخل السجن لم يقل : «توفني». ولما تم له الامر والامن والنعمة قال :
«تَوَفَّنِي مُسْلِماً وَأَلْحِقْنِي بِالصَّالِحِينَ» (١).
وقد اختلف العلماء في زوال الشوق باللقاء ، فبعضهم قال : ان الشوق ينطفىء باللقاء والوصول والقرب ، لأن الشوق قبل الوصول كان على الخبر والعلم ، وبعد الوصول صار على العيان والشهود ، والشاعر يقول :
وأبرح ما يكون الشوق يوما |
|
اذا دنت الخيام من الخيام |
وقال شاعر آخر :
وقد زعموا أن المحب اذا دنا |
|
يمل وأن القرب يشفي من الوجد |
بكل تداوينا فلم يشف ما بنا |
|
على أن قرب الدار خير من البعد |
على أن قرب الدار ليس بنافع |
|
اذا كان من تهواه ليس بذي ود |
ويقول أحمد شوقي على لسان قيس بن الملوح مصورا شوقه الى لقاء حبيبته :
__________________
(١) سورة يوسف ، الآية ١٠١.