واستعمال النظر في البصر أكثر استعمالا عند العامة ، وفي البصيرة أكثر عند الخاصة.
والنظر بالمعنى الاخلاقي يفيد معنى التأمل والتفكر والاعتبار ، مع الترقب والحذر ، والتبين والعلم ، وصحة الحكم واستقامة النظرة ، وهو بهذا المفهوم خلق من أخلاق القرآن الكريم ، وفضيلة من فضائل الاسلام العظيم ، وجانب من هدي الرسول عليه الصلاة والتسليم ، وقد جاء ذكر هذه الفضيلة الاخلاقية في مواطن القرآن الكريم ، كقوله سبحانه في سورة الحشر :
«يا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا اتَّقُوا اللهَ وَلْتَنْظُرْ نَفْسٌ ما قَدَّمَتْ لِغَدٍ وَاتَّقُوا اللهَ إِنَّ اللهَ خَبِيرٌ بِما تَعْمَلُونَ ، وَلا تَكُونُوا كَالَّذِينَ نَسُوا اللهَ فَأَنْساهُمْ أَنْفُسَهُمْ أُولئِكَ هُمُ الْفاسِقُونَ ، لا يَسْتَوِي أَصْحابُ النَّارِ وَأَصْحابُ الْجَنَّةِ أَصْحابُ الْجَنَّةِ هُمُ الْفائِزُونَ» (١).
أي لتتأمل كل نفس فيما قدمته بين يديها ، وعليها أن تتدبره ولا تغفل عنه وقد علق تفسير «في ظلال القرآن» على هذا النص الكريم بهذه العبارة الكاشفة : «التقوى حالة في القلب يشير اليها اللفظ بظلاله ، ولكن العبارة لا تبلغ تصوير حقيقتها. حالة تجعل القلب يقظا حساسا شاعرا بالله في كل حالة ، خائفا متحرجا مستحييا أن يطلع عليه الله في حالة يكرهها ، وعين الله على كل قلب في كل لحظة. فمتى يأمن أن لا يراه؟!
«ولتنظر نفس ما قدمت لغد».
__________________
(١) سورة الحشر ، الآية ١٨ و ١٩.