السجود. لأن القرآن كلام الله وحالة الركوع والسجود حالة ذل انخفاض من العبد ، فمن الادب مع الله أن لا يقرأ القرآن في هاتين لحالتين. ومن أدب الصلاة السكون فيها ، وهو الدوام الذي يشير اليه قوله تعالى :
«الَّذِينَ هُمْ عَلى صَلاتِهِمْ دائِمُونَ» (١).
وقد سئل عقبة بن عامر عن الآية : هم الذين يصلون دائما؟ فقال : لا ولكنهم الذين اذا صلوا لم يلتفتوا عن يمينهم او شمالهم أو خلفهم.
ولاسلافنا الصالحين كلمات طيبات تشعر بمكانة الادب ، وأنه أهم من العلم ، كما أن التربية أهم من التعليم ، فعبد الله بن المبارك يقول : نحن الى قليل من الادب أحوج منا الى كثير من العلم ، ويتحدثون عن الادب مع الله ، فيقول الحسن البصري مثلا : أنفع الادب التفقه في الدين ، والزهد في الدنيا. والمعرفة بما لله عليك ، ويقول يحيى بن معاذ : من تأدب بأدب الله صار من أهل محبة الله. ويقول سهل : القوم استعانوا بالله على مراد الله ، وصبروا لله على آداب الله ، وحذروا من ترك الادب ، فقال ابو علي الدقاق : ترك الادب يوجد الطرد ، فمن أساء الادب على البساط ردّ الى الباب ، ومن أساء الادب على الباب ردّ الى سياسة الدواب. ويقول ذو النون : اذا خرج المريد عن استعمال الادب فانه يرجع من حيث جاء. ويقول يحيى بن معاذ : اذا ترك العارف أدبه مع معروفه فقد هلك مع الهالكين.
نسأل الله جل جلاله أن يهبنا الادب مع الله تبارك وتعالى ، ومع رسوله صلىاللهعليهوسلم ، ومع الناس أجمعين.
__________________
(١) سورة المعارج ، الآية ٢٣.