الا ما يحل استماعه ، وحافظ بصره كذلك. وقيل ان المعنى أنه لا يسمع الا ذكري ، ولا يلتذ الا بتلاوة كتابي ، ولا يأنس الا بمناجاتي ، ولا ينظر الا في عجائب ملكوتي ، ولا يمد يده الا فيما فيه رضاي ، ورجله كذلك.
وقد جاء في كتابي «أدب الاحاديث القدسية» (١) عبارة عن أنواع النوافل وفيها : ان من أعظم ما يتقرب به العبد الى ربه من النوافل كثرة تلاوة القرآن الكريم ، وسماعه القرآن بتفكر وتدبر وفهم ، ولذلك روى الترمذي عن أبي أمامة مرفوعا : «ما تقرب العبد الى الله تعالى بمثل ما خرج منه» يعني القرآن.
ومن النوافل أيضا كثرة ذكر الله تبارك وتعالى بحضور القلب مع النطق باللسان ، ولذلك قال معاذ لرسول الله صلىاللهعليهوسلم : يا رسول الله ، أخبرني بأفضل الاعمال وأقربها الى الله تعالى. فقال النبي عليه الصلاة والسّلام : «أن تموت ولسانك رطب من ذكر الله تعالى».
ومتى أكثر العبد من فعل الطاعات والبعد عن المخالفات أوجب ذلك له حب الله ، فاذا أحبه رزقه محبته ، فيصير الشخص لا يرى الا الله ، ولا ينطق الا بالله ، أي أن العبد متى اجتهد في الفرائض والنوافل امتلأ قلبه بمعرفة الله تعالى ، ومحبته وعظمته ، وخوفه ومهابته ، واجلاله والانس به ، حتى يصير قلبه من المعرفة مشاهدا له بعين البصيرة.
ومتى وصل العبد الى هذه المرتبة صار جديرا بأن يجيب الله دعاءه وأن يحقق له رجاءه ، وأن ينصره في مواطن حاجته الى النصر.
هذا ولقد كان رسول الله صلىاللهعليهوسلم يحرص على التنفل والنوافل من غير ايجاب ولقد جاء في صحيح الامام البخاري عن عائشة
__________________
(١) كتابي «ادب الاحاديث القدسية ، صفحة ٢٩٩ ، الطبعة الثانية ، نشر دار الاعتصام سنة ١٣٩٨ ه».