الزوار وما يشعرون به. ولقد أدركنا أقواما ما على الارض من عمل يقدرون أن يعملوه في السر فيكون علانية أبدا ، ولقد كان المسلمون يجتهدون في الدعاء وما يسمع لهم صوت ، ان كان الا همسا بينهم وبين ربهم ، وذلك أن الله تعالى يقول : «ادعو ربكم تضرعا وخفية» ، وذلك أن الله ذكر عبدا صالحا رضي فعله فقال :
«إِذْ نادى رَبَّهُ نِداءً خَفِيًّا» (١).
وأشار النص الكريم أن الدعاء يكون خوفا وطمعا. أي ادعوه خائفين من عقابه اياكم على مخالفتكم لشرعه المصلح لأنفسكم ، وطامعين في رحمته واحسانه في الدنيا والآخرة.
والقول الجامع في حال النفس عند الدعاء أن تكون غارقة في الشعور بالعجز والافتقار الى الرب القدير الرحيم ، الذي بيده ملكوت كل شيء ، يصرف الاسباب ، ويعطي بحساب وبغير حساب ، فان دعاء الرب الكريم بهذا الشعور يقوي أمل النفس ، ويحول بينها وبين اليأس ، عند تقطع الاسباب ، والجهل بوسائل النجاح ـ وكما يضيف رشيد رضا ـ لو لم يكن للدعاء فائدة الا هذا لكفى ، فكيف وهو مخ العبادة ولبابها ، واجابته مرجوة بعد استكمال شروطه وآدابه ، وأولها عدم الاعتداء فيه ، فان لم يكن باعطاء الداعي ما طلبه ، كانت بما يعلم الله أنه خير له منه.
وقد تضمن التراث الاسلامي أدعية مأثورة لمختلف المناسبات ، وكأن الحكمة من هذا أن يصبح الدعاء عند المؤمنين عادة وخلقا وطبيعة ، فجاءت أدعية تقال عند الخروج من المنزل ، وعند دخول المسجد والخروج منه ، وعند الفراغ من الصلاة ، وعند القيام من المجلس ، وعند دخول السوق ،
__________________
(١) سورة مريم ، الآية ٣.