أَوِ اعْتَمَرَ فَلا جُناحَ عَلَيْهِ أَنْ يَطَّوَّفَ بِهِما وَمَنْ تَطَوَّعَ خَيْراً فَإِنَّ اللهَ شاكِرٌ عَلِيمٌ» (١).
أي ان السعي بين جبلي الصفا والمروة من أعلام دين الله سبحانه ، أو هما من متعبداته ، على أساس أن شعائر الله هي اعلام طاعته ، فكل شيء جعل علما من أعلام طاعة الله فهو من شعائر الله عزوجل ، ويعلل «تفسير المنار» كون المناسك والاعمال في الحج شعائر وعلامات بأن القيام بها علامة على الخضوع لله تعالى وعبادته ايمانا وتسليما ، فالشعائر لا تطلق الا على الاعمال المشروعة التي فيها تعبد لله سبحانه ، ولذلك غلب استعمال الشعائر لأنها تعبدية ، ولذلك قال الزجاج في قوله تعالى :
«لا تُحِلُّوا شَعائِرَ اللهِ» (٢).
أي جميع متعبداته التي أشعرها الله ، أي جعلها الله اعلاما لنا.
ويذكر تفسير «في ظلال القرآن» أن حديث القرآن هنا عن الصفا والمروة مثال من المنهج القرآني التربوي العميق ، اذ يبدأ بتقرير أن الصفا والمروة من شعائر الله : «ان الصفا والمروة من شعائر الله» فاذا اطوّف بهما مطوّف فانما يؤدي شعيرة من شعائر الله. وانما يقصد بالطواف بينهما الى الله ، ثم يختم الآية بتحسين التطوع بالخير اطلاقا : «ومن تطوع خيرا فان الله شاكر عليهم» فيلمح الى أن هذا الطواف من الخير ، ينيب عليه بالخير ، والله شاكر ، وهذا تعبير يشيع ظلال الرضا الكامل ، حتى كان الشكر من الرب للعبد ، ومن هنا يوحي التعبير بالادب الواجب من العبد مع الرب ، فاذا كان الرب يشكر لعبده الخير ، فماذا يصنع العبد ليوفي
__________________
(١) سورة البقرة ، الآية ١٥٨.
(٢) سورة المائدة ، الآية ٢.