قال القاشانيّ : أي ما أقصد إلى جرّ المنافع الدنيوية الفانية ، بارتكاب الظلم الذي أنهاكم عنه.
(إِنْ أُرِيدُ إِلَّا الْإِصْلاحَ مَا اسْتَطَعْتُ) أي إصلاح نفوسكم بالتزكية ، والتهيئة لقبول الحكمة ، مادمت مستطيعا متمكنا منه. (وَما تَوْفِيقِي إِلَّا بِاللهِ) أي وما كوني موفقا للإصلاح إلا بمعونة الله وتأييده. (عَلَيْهِ تَوَكَّلْتُ) أي أعتمد (وَإِلَيْهِ أُنِيبُ) أي أرجع في السراء والضراء.
القول في تأويل قوله تعالى :
(وَيا قَوْمِ لا يَجْرِمَنَّكُمْ شِقاقِي أَنْ يُصِيبَكُمْ مِثْلُ ما أَصابَ قَوْمَ نُوحٍ أَوْ قَوْمَ هُودٍ أَوْ قَوْمَ صالِحٍ وَما قَوْمُ لُوطٍ مِنْكُمْ بِبَعِيدٍ) (٨٩)
(وَيا قَوْمِ لا يَجْرِمَنَّكُمْ شِقاقِي) أي لا يكسبنكم عدواتي (أَنْ يُصِيبَكُمْ مِثْلُ ما أَصابَ قَوْمَ نُوحٍ أَوْ قَوْمَ هُودٍ أَوْ قَوْمَ صالِحٍ) من الغرق والريح والصيحة (وَما قَوْمُ لُوطٍ مِنْكُمْ بِبَعِيدٍ) فإن منازلهم قريبة منكم ، وقد علمتم ما نزل بهم من قلب الأرض وإمطار الحجارة. وذلك لأن مخالفة الرسل تقتضي أحد هذه الأمور.
القول في تأويل قوله تعالى :
(وَاسْتَغْفِرُوا رَبَّكُمْ ثُمَّ تُوبُوا إِلَيْهِ إِنَّ رَبِّي رَحِيمٌ وَدُودٌ) (٩٠)
(وَاسْتَغْفِرُوا رَبَّكُمْ) أي من عبادة الأصنام (ثُمَّ تُوبُوا إِلَيْهِ) أي بالتوحيد ، أو بالرجوع عن البخس والتطفيف (إِنَّ رَبِّي رَحِيمٌ) أي للمستغفرين التائبين (وَدُودٌ) أي مبالغ في المحبة لهم.
القول في تأويل قوله تعالى :
(قالُوا يا شُعَيْبُ ما نَفْقَهُ كَثِيراً مِمَّا تَقُولُ وَإِنَّا لَنَراكَ فِينا ضَعِيفاً وَلَوْ لا رَهْطُكَ لَرَجَمْناكَ وَما أَنْتَ عَلَيْنا بِعَزِيزٍ) (٩١)
(قالُوا يا شُعَيْبُ ما نَفْقَهُ) أي ما نفهم (كَثِيراً مِمَّا تَقُولُ) كالتوحيد ، وحرمة البخس. يعنون أنهم لا يقبلونه ، أو قالوا ذلك استهانة به ، كما يقول الرجل لمن لا يعبأ بحديثه : ما أدري ما تقول! أو جعلوا كلامه هذيانا وتخليطا لا ينفعهم كثير منه و (الكثير) مراد به الكل ، أو قالوه فرارا من المكابرة.