على قدرته تعالى ، وحكمته في كل شيء (لِلسَّائِلِينَ) أي لمن سأل عن نبئهم. أو آيات على نبوّته صلوات الله عليه ، لمن سأل عن نبئهم ، فأخبرهم بالصحة من غير تلقّ عن بشر أو أخذ عن كتاب.
وقال القاشانيّ : أي آيات معظمات لمن يسأل عن قصتهم ويعرفها ، تدلهم أولا : على أن الاصطفاء المحض أمر مخصوص بمشيئة الله تعالى ، لا يتعلق بسعي ساع ولا إرادة مريد ، فيعلمون مراتب الاستعدادات في الأزل.
وثانيا ـ على أن من أراد الله به خيرا ، لم يمكن لأحد دفعه. ومن عصمه الله ، لم يمكن لأحد رميه بسوء ، ولا قصده بشر ، فيقوى يقينهم وتوكلهم.
وثالثا ـ على أن كيد الشيطان وإغواءه أمر لا يأمن منه أحد ، حتى الأنبياء ، فيكونون منه على حذر. وأقوى من ذلك كله أنها تطلعهم من طريق الفهم ، الذي هو الانتقال الذهني ، على أحوالهم في البداية والنهاية ، وما بينهما ، وكيفية سلوكهم إلى الله ، فتثير شوقهم وإرادتهم ، وتشحذ بصيرتهم ، وتقوّي عزيمتهم.
القول في تأويل قوله تعالى :
(إِذْ قالُوا لَيُوسُفُ وَأَخُوهُ أَحَبُّ إِلى أَبِينا مِنَّا وَنَحْنُ عُصْبَةٌ إِنَّ أَبانا لَفِي ضَلالٍ مُبِينٍ) (٨)
(إِذْ قالُوا لَيُوسُفُ وَأَخُوهُ) وهو بنيامين شقيقه ، وأمهما راحيل بنت لابان ، خال يعقوب. (أَحَبُّ إِلى أَبِينا مِنَّا وَنَحْنُ عُصْبَةٌ) أي والحال أنا جماعة أقوياء ، أحق بالمحبة من صغيرين ، لا كفاية فيهما. والعصبة والعصابة : الجماعة من الرجال ـ عشرة فصاعدا ـ سموا بذلك لكون الأمور تعصب بهم أي تشد فتقوى وذكرها ليس لإفادة العدد فقط ، بل للإشعار بالقوة ، ليكون أدخل في الإنكار ، لأنهم قادرون على خدمته ، والجد في منفعته فكيف يؤثر عليهم من لا يقدر على ذلك؟
(إِنَّ أَبانا لَفِي ضَلالٍ مُبِينٍ) أي ذهاب عن طريق الصواب في ذلك لتفضيله المفضول بزعمهم. وغاب عنهم أنه كان يحب يوسف لما يرى فيه من المخايل ، لا سيما بعد تلك الرؤيا. وبنيامين لكونه شقيقه وأصغرهم. ومن المعروف زيادة الميل لأصغر البنين.
وقوله تعالى :