خالفنا عن الهمّ بالزنى : سوء هم أم غير سوء؟ فلا بدّ أنه سوء ، ولو قال : إنه ليس بسوء لعاند الإجماع فإذ هو سوء ، وقد صرف عنه السوء ، فقد صرف عنه الهمّ بيقين! وأيضا فإنها قالت : (ما جَزاءُ مَنْ أَرادَ بِأَهْلِكَ سُوءاً) [يوسف : ٣٥] وأنكر هو ذلك فشهد الصادق المصدق (إِنْ كانَ قَمِيصُهُ قُدَّ مِنْ دُبُرٍ فَكَذَبَتْ وَهُوَ مِنَ الصَّادِقِينَ) [يوسف : ٢٦] ، فصحّ أنها كذبت بنص القرآن ، وإذ كذبت بنصّ القرآن فما أراد بها قط سوءا ، فما همّ بالزنى قط. ولو أراد بها الزنى لكانت من الصادقين ، وهذا بيّن جدّا وكذلك قوله تعالى عنه أنه قال : (وَإِلَّا تَصْرِفْ عَنِّي كَيْدَهُنَّ أَصْبُ إِلَيْهِنَّ وَأَكُنْ مِنَ الْجاهِلِينَ. فَاسْتَجابَ لَهُ رَبُّهُ فَصَرَفَ عَنْهُ كَيْدَهُنَ) [يوسف : ٣٣] فصح عنه أنه قط لم يصب إليها.
انتهى كلام ابن حزم عليه الرحمة والرضوان. وإنما نقلت كلامه برمته لأنه كما قيل :
(وما محاسن شيء كلّه حسن ...!!)