إشراكهم ، مثل من سوى بين عبد مملوك عاجز عن التصرف ، وبين حرّ مالك يتصرف في ماله كيف يشاء. ولا مساواة بينهما. مع أنهما سيان في البشرية والمخلوقية لله سبحانه وتعالى. فما الظن برب العالمين حيث يشركون به أعجز المخلوقات. وإيثار قوله : (وَمَنْ رَزَقْناهُ) إلخ على (مالكا) للتنبيه على أن ما بيده ، هو من فضل الله ورزقه ، وعلى تذكيره الإنفاق منه في السر والجهر ، ليكون عاملا بأمر الله فيه.
وقوله تعالى : (الْحَمْدُ لِلَّهِ) أي على ما هدى أولياءه. وأنعم عليهم من التوحيد. أو الحمد كله له لا يستحقه شيء من الأصنام. أو الحمد لله على قوة هذه الحجة وظهور المحبة وأكثرهم لا يعلمونها ، مع أنه في غاية ظهورها ونهاية وضوحها.
وقوله تعالى :
القول في تأويل قوله تعالى :
(وَضَرَبَ اللهُ مَثَلاً رَجُلَيْنِ أَحَدُهُما أَبْكَمُ لا يَقْدِرُ عَلى شَيْءٍ وَهُوَ كَلٌّ عَلى مَوْلاهُ أَيْنَما يُوَجِّهْهُ لا يَأْتِ بِخَيْرٍ هَلْ يَسْتَوِي هُوَ وَمَنْ يَأْمُرُ بِالْعَدْلِ وَهُوَ عَلى صِراطٍ مُسْتَقِيمٍ) (٧٦)
(وَضَرَبَ اللهُ مَثَلاً) أي مثلا آخر يدل على ما دل عليه المثل السابق على وجه أوضح (رَجُلَيْنِ أَحَدُهُما أَبْكَمُ) أي أخرس (لا يَقْدِرُ عَلى شَيْءٍ) أي مما يقدر عليه المنطيق المفصح عما في نفسه (وَهُوَ كَلٌّ عَلى مَوْلاهُ) أي ثقيل على ما يلي أمره ، لعدم اهتمامه بإقامة مصالح نفسه (أَيْنَما يُوَجِّهْهُ لا يَأْتِ بِخَيْرٍ) أي حيث يرسله في أمر لا يأت بنجحه وكفاية مهمه (هَلْ يَسْتَوِي هُوَ وَمَنْ يَأْمُرُ بِالْعَدْلِ) أي ومن هو بليغ منطيق ذو كفاية ورشد لينفع الناس ، بحثّهم على العدل الشامل لجميع الفضائل.
(وَهُوَ) أي في نفسه مع ما ذكر من نفعه العام (عَلى صِراطٍ مُسْتَقِيمٍ) أي على سيرة صالحة ودين قويم ، لا يتوجه إلى مطلب إلا ويبلغه بأقرب سعي وأسهله.
قال الأزهري : ضرب تعالى مثلا للصنم الذي عبدوه وهو لا يقدر على شيء ، فهو كلّ على مولاه. لأنه يحمله إذا ظعن فيحوّله من مكان إلى مكان. فقال الله تعالى : هل يستوي هذا الصنم الكل ، ومن يأمر بالعدل؟ استفهام معناه التوبيخ ، كأنه قال لا تسووا بين الصنم وبين الخالق جلّ جلاله. انتهى.
وإليه أشار الزمخشري بقوله : وهذا مثل ضربه الله لنفسه ، ولما يفيض على