قوله وفعله. وإن كان صراط الرسل وأتباعهم هو موافقة أمره ، فصراطه الذي هو سبحانه عليه ، هو ما يقتضيه حمده وكماله ومجده من قوله الحق وفعله ، وبالله التوفيق.
وفي الآية قول ثان مثل الآية الأولى سواء : إنه مثل ضربه الله للمؤمن والكافر. وقد تقدم ما في هذا القول وبالله التوفيق. انتهى بحروفه. وقوله تعالى :
القول في تأويل قوله تعالى :
(وَلِلَّهِ غَيْبُ السَّماواتِ وَالْأَرْضِ وَما أَمْرُ السَّاعَةِ إِلاَّ كَلَمْحِ الْبَصَرِ أَوْ هُوَ أَقْرَبُ إِنَّ اللهَ عَلى كُلِّ شَيْءٍ قَدِيرٌ) (٧٧)
(وَلِلَّهِ غَيْبُ السَّماواتِ وَالْأَرْضِ ، وَما أَمْرُ السَّاعَةِ إِلَّا كَلَمْحِ الْبَصَرِ أَوْ هُوَ أَقْرَبُ إِنَّ اللهَ عَلى كُلِّ شَيْءٍ قَدِيرٌ).
الآية إما جواب لاستعجالهم ما يوعدون ، أو لاستبطائهم الساعة. أو لبيان كماله في العلم والقدرة ، تعريضا بأن معبوداتهم عريّة منهما. فأشار إلى الأول بقوله : (وَلِلَّهِ غَيْبُ السَّماواتِ وَالْأَرْضِ) أي يختص به علم ما غاب فيهما عن العباد وخفي عليهم علمه. أو غيبهما هو يوم القيامة. فإن علمه غائب عن أهلها ، لم يطلع عليه أحد منهم ، وأشار إلى الثاني بقوله : (وَما أَمْرُ السَّاعَةِ إِلَّا كَلَمْحِ الْبَصَرِ أَوْ هُوَ أَقْرَبُ) و (الساعة) الوقت الذي تقوم فيه القيامة. و (اللمح) النظر بسرعة. أي كرجع الطرف من أعلى الحدقة إلى أسفلها (أو هو أقرب) من ذلك ، أي أسرع زمانا. بأن يقع في بعض زمانه. وفيه من كمال تقرير قدرته تعالى ما لا يخفى. وقوله : (إِنَّ اللهَ عَلى كُلِّ شَيْءٍ قَدِيرٌ) تعليل له ، إشارة إلى أن مقدوراته تعالى لا تتناهى ، وأن ما يذكر بعض منها. وقوله تعالى :
القول في تأويل قوله تعالى :
(وَاللهُ أَخْرَجَكُمْ مِنْ بُطُونِ أُمَّهاتِكُمْ لا تَعْلَمُونَ شَيْئاً وَجَعَلَ لَكُمُ السَّمْعَ وَالْأَبْصارَ وَالْأَفْئِدَةَ لَعَلَّكُمْ تَشْكُرُونَ (٧٨) أَلَمْ يَرَوْا إِلَى الطَّيْرِ مُسَخَّراتٍ فِي جَوِّ السَّماءِ ما يُمْسِكُهُنَّ إِلاَّ اللهُ إِنَّ فِي ذلِكَ لَآياتٍ لِقَوْمٍ يُؤْمِنُونَ) (٧٩)
(وَاللهُ أَخْرَجَكُمْ مِنْ بُطُونِ أُمَّهاتِكُمْ لا تَعْلَمُونَ شَيْئاً) عطف على قوله تعالى : (وَاللهُ جَعَلَ لَكُمْ مِنْ أَنْفُسِكُمْ أَزْواجاً) منتظم معه في سلك أدلة التوحيد من قوله تعالى : (وَاللهُ أَنْزَلَ مِنَ السَّماءِ ماءً) وقوله تعالى : (وَاللهُ خَلَقَكُمْ) وقوله تعالى :