أحد ، حين قتل حمزة رضي الله عنه ومثّل به. فقال رسول الله صلىاللهعليهوسلم : لئن أظهرني الله عليهم لأمثلنّ بثلاثين رجلا منهم. فلما سمع المسلمون ذلك قالوا : والله! لئن أظهرنا الله عليهم لنمثلنّ بهم مثلة لم يمثلها أحد من العرب بأحد قط. فأنزل الله الآية هذه ، إلى آخر السورة.
قال الحافظ ابن كثير : هذا مرسل وفيه مبهم لم يسمّ. ورواه الحافظ البزار من وجه آخر موصولا عن أبي هريرة رضي الله عنه ؛ أن رسول الله صلىاللهعليهوسلم وقف على حمزة ابن عبد المطلب رضي الله عنه ، حين استشهد. فنظر إلى منظر لم ينظر أوجع للقلب منه. وقد مثّل به. فقال : رحمة الله عليك. إن كنت لما علمت ، لوصولا للرحم فعولا للخيرات. والله لو لا حزن من بعدك عليك ، لسرّني أن أتركك حتى يحشرك الله من بطون السباع (أو كلمة نحوها). أما والله! على ذلك لأمثلنّ بسبعين كمثلتك. فنزلت هذه الآية. فكفّر رسول الله صلىاللهعليهوسلم يعني عن يمينه ، وأمسك عن ذلك.
قال ابن كثير : وهذا إسناد فيه ضعف. لأن صالحا (أحد رواته) هو ابن بشير المريّ ، ضعيف عند الأئمة. وقال البخاريّ : هو منكر الحديث. وروى عبد الله ابن الإمام أحمد في مسند أبيه عن أبي بن كعب ، قال : لما كان يوم أحد قتل من الأنصار ستون رجلا ومن المهاجرين ستة ، فقال أصحاب رسول الله صلىاللهعليهوسلم : لئن كان لنا يوم مثل هذا من المشركين لنمثلن بهم. فلما كان يوم الفتح قال رجل : لا تعرف قريش بعد اليوم. فنادى أن رسول الله صلىاللهعليهوسلم قد أمّن الأسود والأبيض إلا فلانا وفلانا ـ ناسا سمّاهم ـ فنزلت الآية. فقال رسول الله صلىاللهعليهوسلم : نصبر ولا نعاقب.
أقول : بمعرفة ما قدمنا من معنى سبب النزول ـ في مقدمة التفسير ـ يعلم أن لا حاجة إلى الذهاب إلى أنها مدنية ألحقت بالسورة ـ ولا إلى ما روي من هذه الآثار. إذ به يتضح عدم التنافي. والتقاء الآثار مع الآية فتذكره.
الثالث : قال ابن كثير : هذه الآية الكريمة لها أمثال في القرآن. فإنها مشتملة على مشروعية العدل والندب إلى الفضل كما في قوله تعالى (وَجَزاءُ سَيِّئَةٍ سَيِّئَةٌ مِثْلُها) [الشورى : ٤٠]. ثم قال (فَمَنْ عَفا وَأَصْلَحَ فَأَجْرُهُ عَلَى اللهِ) [الشورى : ٤٠] الآية. وقال (وَالْجُرُوحَ قِصاصٌ) [المائدة : ٤٥] ثم قال (فَمَنْ تَصَدَّقَ بِهِ فَهُوَ كَفَّارَةٌ لَهُ) [المائدة : ٤٥] انتهى.
ثم أكّد تعالى الأمر بالصبر ، ليقوي الثبات والاحتمال ، لكل ما يلاقيه في سبيل الحق ، بقوله :