(لَوْ أَرادَ اللهُ أَنْ يَتَّخِذَ وَلَداً لَاصْطَفى مِمَّا يَخْلُقُ ما يَشاءُ سُبْحانَهُ هُوَ اللهُ الْواحِدُ الْقَهَّارُ) أي نزهه عن المماثلة والمجانسة. واصطفاء الولد. لكون الوحدة لازمة لذاته وقهره بوحدانيته لغيره. فلا تماثل في الوجود ، فكيف في الوجوب؟
القول في تأويل قوله تعالى :
(خَلَقَ السَّماواتِ وَالْأَرْضَ بِالْحَقِّ يُكَوِّرُ اللَّيْلَ عَلَى النَّهارِ وَيُكَوِّرُ النَّهارَ عَلَى اللَّيْلِ وَسَخَّرَ الشَّمْسَ وَالْقَمَرَ كُلٌّ يَجْرِي لِأَجَلٍ مُسَمًّى أَلا هُوَ الْعَزِيزُ الْغَفَّارُ (٥) خَلَقَكُمْ مِنْ نَفْسٍ واحِدَةٍ ثُمَّ جَعَلَ مِنْها زَوْجَها وَأَنْزَلَ لَكُمْ مِنَ الْأَنْعامِ ثَمانِيَةَ أَزْواجٍ يَخْلُقُكُمْ فِي بُطُونِ أُمَّهاتِكُمْ خَلْقاً مِنْ بَعْدِ خَلْقٍ فِي ظُلُماتٍ ثَلاثٍ ذلِكُمُ اللهُ رَبُّكُمْ لَهُ الْمُلْكُ لا إِلهَ إِلاَّ هُوَ فَأَنَّى تُصْرَفُونَ) (٦)
(خَلَقَ السَّماواتِ وَالْأَرْضَ بِالْحَقِّ يُكَوِّرُ اللَّيْلَ عَلَى النَّهارِ وَيُكَوِّرُ النَّهارَ عَلَى اللَّيْلِ) أي بإذهاب أحدهما وتغشية الآخر مكانه. كأنما ألبسه ولفّ عليه (وَسَخَّرَ الشَّمْسَ وَالْقَمَرَ كُلٌّ يَجْرِي لِأَجَلٍ مُسَمًّى) وهو منتهى دوره ، أو منقطع حركته (أَلا هُوَ الْعَزِيزُ الْغَفَّارُ خَلَقَكُمْ مِنْ نَفْسٍ واحِدَةٍ ثُمَّ جَعَلَ مِنْها) أي من نفسها ونوعها (زَوْجَها وَأَنْزَلَ لَكُمْ مِنَ الْأَنْعامِ ثَمانِيَةَ أَزْواجٍ) أي ذكرا وأنثى. من الإبل والبقر والضأن والمعز (يَخْلُقُكُمْ فِي بُطُونِ أُمَّهاتِكُمْ خَلْقاً مِنْ بَعْدِ خَلْقٍ) أى متقلبين في أطوار الخلقة (فِي ظُلُماتٍ ثَلاثٍ) يعني البطن والرحم والمشيمة (ذلِكُمُ) أي الخالق لصوركم. المكوّر أي المصرف بقدرته ، المسخر بسلطانه ، المنشي للكثرة من نفس واحدة بحكمته ، المنزل للنعم بنعمته (اللهُ رَبُّكُمْ لَهُ الْمُلْكُ لا إِلهَ إِلَّا هُوَ فَأَنَّى تُصْرَفُونَ) أي عن عبادته إلي عبادة غيره.
القول في تأويل قوله تعالى :
(إِنْ تَكْفُرُوا فَإِنَّ اللهَ غَنِيٌّ عَنْكُمْ وَلا يَرْضى لِعِبادِهِ الْكُفْرَ وَإِنْ تَشْكُرُوا يَرْضَهُ لَكُمْ وَلا تَزِرُ وازِرَةٌ وِزْرَ أُخْرى ثُمَّ إِلى رَبِّكُمْ مَرْجِعُكُمْ فَيُنَبِّئُكُمْ بِما كُنْتُمْ تَعْمَلُونَ إِنَّهُ عَلِيمٌ بِذاتِ الصُّدُورِ) (٧)
(إِنْ تَكْفُرُوا فَإِنَّ اللهَ غَنِيٌّ عَنْكُمْ) أي عن إيمانكم (وَلا يَرْضى لِعِبادِهِ الْكُفْرَ) أي لأنه سبب هلاكهم (وَإِنْ تَشْكُرُوا يَرْضَهُ لَكُمْ) أي وإن تستعملوا ما أنعم به عليكم فيما خلق له ، يقبله منكم ، لأنه دينه ، ويثيبكم ثوابا حسنا لطاعتكم.