بِسْمِ اللهِ الرَّحْمنِ الرَّحِيمِ
القول في تأويل قوله تعالى :
(حم (١) تَنْزِيلُ الْكِتابِ مِنَ اللهِ الْعَزِيزِ الْعَلِيمِ) (٢)
(حم تَنْزِيلُ الْكِتابِ مِنَ اللهِ الْعَزِيزِ الْعَلِيمِ) الكلام في مفتتح هذه السورة وتاليه ، كالذي سلف في (الم السجدة).
القول في تأويل قوله تعالى :
(غافِرِ الذَّنْبِ وَقابِلِ التَّوْبِ شَدِيدِ الْعِقابِ ذِي الطَّوْلِ لا إِلهَ إِلاَّ هُوَ إِلَيْهِ الْمَصِيرُ (٣) ما يُجادِلُ فِي آياتِ اللهِ إِلاَّ الَّذِينَ كَفَرُوا فَلا يَغْرُرْكَ تَقَلُّبُهُمْ فِي الْبِلادِ) (٤)
(غافِرِ الذَّنْبِ وَقابِلِ التَّوْبِ شَدِيدِ الْعِقابِ ذِي الطَّوْلِ) أي المن والفضل (لا إِلهَ إِلَّا هُوَ إِلَيْهِ الْمَصِيرُ) أي المرجع والجزاء (ما يُجادِلُ فِي آياتِ اللهِ إِلَّا الَّذِينَ كَفَرُوا) أي ما يخاصم في حجج الله وأدلته علي وحدانيته بالإنكار لها ، إلا الذين جحدوا توحيده ، قال الزمخشريّ : سجل على المجادلين في آيات الله بالكفر. والمراد الجدال بالباطل ، من الطعن فيها والقصد إلى إدحاض الحق وإطفاء نور الله. وقد دل على ذلك قوله (وَجادَلُوا بِالْباطِلِ لِيُدْحِضُوا بِهِ الْحَقَ) [غافر : ٥]. فأما الجدال فيها ، لإيضاح ملتبسها وحل مشكلها ومقارحة أهل العلم في استنباط معانيها ، ورد أهل الزيغ بها وعنها ، فأعظم جهاد في سبيل الله. وقوله صلىاللهعليهوسلم (١)(جدال في القرآن كفر) وإيراده منكرا ، تمييز منه بين جدال وجدال. انتهى (فَلا يَغْرُرْكَ تَقَلُّبُهُمْ فِي الْبِلادِ) أي للتجارات ، وتمتعهم بالتجوال والترداد ، فمآلهم إلى الزوال والنفاد.
القول في تأويل قوله تعالى :
(كَذَّبَتْ قَبْلَهُمْ قَوْمُ نُوحٍ وَالْأَحْزابُ مِنْ بَعْدِهِمْ وَهَمَّتْ كُلُّ أُمَّةٍ بِرَسُولِهِمْ لِيَأْخُذُوهُ وَجادَلُوا بِالْباطِلِ لِيُدْحِضُوا بِهِ الْحَقَّ فَأَخَذْتُهُمْ فَكَيْفَ كانَ عِقابِ) (٥)
__________________
(١) أخرجه الإمام أحمد في المسند ٢ / ٢٥٨. والحديث رقم ٧٤٩٩.