(اللهُ الَّذِي جَعَلَ لَكُمُ الْأَرْضَ قَراراً) أي تستقرون عليها وتسكنون فوقها (وَالسَّماءَ بِناءً) أي مبنية مرفوعة فوقكم بغير عمد ترونها لمصالحكم وقوام دنياكم. وقد فسّر (البناء) بالقبة المضروبة. لأن العرب تسمّي المضارب (أبنية).
فهو تشبيه بليغ ، وهو إشارة إلى كرّيتها. قاله الشهاب (وَصَوَّرَكُمْ فَأَحْسَنَ صُوَرَكُمْ) أي يجعل كل عضو في مكان يليق به ، ليتم الانتفاع بها ، فتستدلوا بذلك على كمال حكمته (وَرَزَقَكُمْ مِنَ الطَّيِّباتِ) أي لذيذات المطاعم والمشارب لتشكروه وحده (ذلِكُمُ اللهُ رَبُّكُمْ فَتَبارَكَ اللهُ رَبُّ الْعالَمِينَ) أي الذي لا تصلح الربوبية إلا له.
القول في تأويل قوله تعالى :
(هُوَ الْحَيُّ لا إِلهَ إِلاَّ هُوَ فَادْعُوهُ مُخْلِصِينَ لَهُ الدِّينَ الْحَمْدُ لِلَّهِ رَبِّ الْعالَمِينَ) (٦٥)
(هُوَ الْحَيُ) أي الذي لا يموت ، الدائم الحياة ، وكل شيء سواه فمنقطع الحياة غير دائمها (لا إِلهَ إِلَّا هُوَ فَادْعُوهُ مُخْلِصِينَ لَهُ الدِّينَ) أي مفردين له الطاعة ، لا تشركوا في عبادته شيئا (الْحَمْدُ لِلَّهِ رَبِّ الْعالَمِينَ) أي الثناء والشكر لله ، مالك جميع أجناس الخلق ، لا للأوثان التي لا تملك شيئا ، ولا تقدر على ضرر ولا نفع.
قال ابن جرير : وكان جماعة من أهل العلم يأمرون من قال (لا إله إلا الله) أن يتبع ذلك (الْحَمْدُ لِلَّهِ رَبِّ الْعالَمِينَ) تأولا منهم هذه الآية ، بأنها أمر من الله بقيل ذلك. ثم أسنده عن ابن عباس وابن جبير.
القول في تأويل قوله تعالى :
(قُلْ إِنِّي نُهِيتُ أَنْ أَعْبُدَ الَّذِينَ تَدْعُونَ مِنْ دُونِ اللهِ لَمَّا جاءَنِي الْبَيِّناتُ مِنْ رَبِّي وَأُمِرْتُ أَنْ أُسْلِمَ لِرَبِّ الْعالَمِينَ) (٦٦)
(قُلْ إِنِّي نُهِيتُ أَنْ أَعْبُدَ الَّذِينَ تَدْعُونَ مِنْ دُونِ اللهِ) أي من الآلهة والأوثان (لَمَّا جاءَنِي الْبَيِّناتُ مِنْ رَبِّي) أي الآيات الواضحات من عنده ، على وجوب وحدته وتفرده بالعبادة (وَأُمِرْتُ أَنْ أُسْلِمَ لِرَبِّ الْعالَمِينَ) أي أخضع له بالطاعة دون غيره من الأشياء.
القول في تأويل قوله تعالى :
(هُوَ الَّذِي خَلَقَكُمْ مِنْ تُرابٍ ثُمَّ مِنْ نُطْفَةٍ ثُمَّ مِنْ عَلَقَةٍ ثُمَّ يُخْرِجُكُمْ طِفْلاً ثُمَّ لِتَبْلُغُوا أَشُدَّكُمْ ثُمَّ لِتَكُونُوا شُيُوخاً وَمِنْكُمْ مَنْ يُتَوَفَّى مِنْ قَبْلُ وَلِتَبْلُغُوا أَجَلاً مُسَمًّى وَلَعَلَّكُمْ تَعْقِلُونَ) (٦٧)