بِسْمِ اللهِ الرَّحْمنِ الرَّحِيمِ
القول في تأويل قوله تعالى :
(حم (١) تَنْزِيلٌ مِنَ الرَّحْمنِ الرَّحِيمِ) (٢)
(حم تَنْزِيلٌ مِنَ الرَّحْمنِ الرَّحِيمِ) قال أبو السعود : إن جعل (حم) اسما للسورة ، فهو إما خبر مبتدأ محذوف ، وهو الأظهر ، أو مبتدأ خبره (تَنْزِيلٌ) وهو على الأول خبر بعد خبر. وخبر لمبتدأ محذوف ، إن جعل مسرودا على نمط التعديد. وقوله تعالى : (مِنَ الرَّحْمنِ الرَّحِيمِ) متعلق به ، مؤكد لما أفاده التنوين من الفخامة الذاتية ، بالفخامة الإضافية. أو خبر آخر. أو (تَنْزِيلٌ) مبتدأ لتخصصه بالصفة ، خبره.
القول في تأويل قوله تعالى :
(كِتابٌ فُصِّلَتْ آياتُهُ قُرْآناً عَرَبِيًّا لِقَوْمٍ يَعْلَمُونَ) (٣)
(كِتابٌ) وهو على الوجوه الأول بدل منه ، أو خبر آخر ، أو خبر لمحذوف. ونسبة التنزيل إلى الرحمن الرحيم ، للإيذان بأنه مدار للمصالح الدينية والدنيوية ، واقع بمقتضى الرحمة الربانية ، حسبما ينبئ عنه قوله تعالى : (وَما أَرْسَلْناكَ إِلَّا رَحْمَةً لِلْعالَمِينَ) [الأنبياء : ١٠٧] ، (فُصِّلَتْ آياتُهُ) أي بينت بالاشتمال على جميع المطالب الدينية ، مع الدلائل العقلية (قُرْآناً عَرَبِيًّا) أي بلسان عربيّ يتيسر فيه من جميع الفوائد ما لا يتيسر في غيره. وانتصاب (قُرْآناً) على المدح ، أو الحالية من (كِتابٌ) لتخصصه بالصفة ، أو من (آياتُهُ لِقَوْمٍ يَعْلَمُونَ) أي مقداره ومعانيه. أو لأهل العلم والنظر.
القول في تأويل قوله تعالى :
(بَشِيراً وَنَذِيراً فَأَعْرَضَ أَكْثَرُهُمْ فَهُمْ لا يَسْمَعُونَ) (٤)
(بَشِيراً) أي للعاملين به ، الناظرين فيه ، والمستخرجين منه ، بالنعيم المقيم (وَنَذِيراً) أي للمعرضين عنه بخلود الأبد في نار جهنم (فَأَعْرَضَ أَكْثَرُهُمْ) أي أكثر