وقال أيضا : لا يخفى أن القرآن العظيم نزل لبيان الحق وتعليم الدين ، أولا وبالذات. لكن ، تمهيدا لهذه السبيل ، أتى بشذرات من العلوم الفلكية والطبيعية ، وصرف بصائر الناس إلى التفكر في خلق السموات والأرض ، وما هن عليه من الإبداع. فوجه أبصارهم إلى التأمّل في خلق الإنسان وما هو عليه من التركيب العجيب ، إلى غير ذلك من الأمور الفلكية والطبيعية في أكثر من ثلاثمائة آية. فالمفسرون رحمهمالله ، لما فسروا هذه الآيات ، شرحوا معانيها على مقدار محيط علمهم بالعلوم الفلكية والطبيعية. ولا يخفى ما كانت عليه هذه الآلات في زمنهم من النقصان. لا سيما علم الفلك. فهم معذرون إذا لم يفهموا معاني هذه الآيات التي تحيّر عقول فلاسفة هذا العصر ، المتضلعين بالعلوم العقلية. لذلك لم يفسروا هذه الآيات حق تفسيرها ، بل أوّلوها وصرفوا معانيها عن الحقيقة إلى المجاز أو الكناية. انتهى كلامه.
وقال عالم فلكي أيضا : يقول العلماء إنه من المحقق أن هذه السيارات مسكونة بحيوانات تشبه الحيوانات التي على أرضنا هذه ، ويكون كل كوكب منها أرضا بالنسبة لحيواناته. وباقي الكواكب سموات بالنسبة لها.
قال : والظاهر أن القول بوجود الحيوانات في هذه الكواكب صحيح. لأن الله تعالى يقول في كتابه (وَمِنْ آياتِهِ خَلْقُ السَّماواتِ وَالْأَرْضِ وَما بَثَّ فِيهِما مِنْ دابَّةٍ وَهُوَ عَلى جَمْعِهِمْ إِذا يَشاءُ قَدِيرٌ) ويقول : (يَسْئَلُهُ مَنْ فِي السَّماواتِ وَالْأَرْضِ كُلَّ يَوْمٍ هُوَ فِي شَأْنٍ) [الرحمن : ٢٩] ،
القول في تأويل قوله تعالى :
(وَما أَصابَكُمْ مِنْ مُصِيبَةٍ فَبِما كَسَبَتْ أَيْدِيكُمْ وَيَعْفُوا عَنْ كَثِيرٍ) (٣٠)
(وَما أَصابَكُمْ مِنْ مُصِيبَةٍ فَبِما كَسَبَتْ أَيْدِيكُمْ) أي فبسبب معاصيكم وما اجترمتم من الآثام. (وَيَعْفُوا عَنْ كَثِيرٍ) أي من الذنوب فلا يعاقب عليها.
القول في تأويل قوله تعالى :
(وَما أَنْتُمْ بِمُعْجِزِينَ فِي الْأَرْضِ وَما لَكُمْ مِنْ دُونِ اللهِ مِنْ وَلِيٍّ وَلا نَصِيرٍ) (٣١)
(وَما أَنْتُمْ بِمُعْجِزِينَ فِي الْأَرْضِ) أي بمعجزين ربكم إن أراد عقوبتكم ، لأنكم في قبضة تصرّفه (وَما لَكُمْ مِنْ دُونِ اللهِ مِنْ وَلِيٍّ وَلا نَصِيرٍ) أي إذا أراد عذابكم. فاتقوه واخشوه.