وأرشدهم إلى الطريق الوسطى. فانتهجوا سبل السلام. وساروا ورائد التوفيق لهم إمام. مستضيئين بأنوار العقول المرشدة ، إلى أن جميع الكائنات بقدرة الله تعالى ومشيئته. ولم يغب عن أفهامهم أن يكون بعض الأفعال للعبد مقدورة. لما وجدوه من التفرقة بين الاختيارية والقسرية بالضرورة. لكنها قدرة تقارن بلا تأثير. وتميز بين الضروري والاختياري في التصوير. فهذا هو التحقيق. والله ولي التوفيق. انتهى.
وقد سبق في آية (الأنعام) نقول عن الأئمة في الآية مسهبة : فراجعها إن شئت. وقوله تعالى : (أَمْ آتَيْناهُمْ كِتاباً مِنْ قَبْلِهِ) أي من قبل هذا القرآن (فَهُمْ بِهِ مُسْتَمْسِكُونَ) أي يعملون به ويدينون بما فيه ويحتجون به عليك. نظير قوله تعالى في الآية الأخرى (قُلْ هَلْ عِنْدَكُمْ مِنْ عِلْمٍ فَتُخْرِجُوهُ لَنا) يعني بالعلم كتابا موحى فيه ذلك. وقوله تعالى :
القول في تأويل قوله تعالى :
(بَلْ قالُوا إِنَّا وَجَدْنا آباءَنا عَلى أُمَّةٍ وَإِنَّا عَلى آثارِهِمْ مُهْتَدُونَ) (٢٢)
(بَلْ قالُوا إِنَّا وَجَدْنا آباءَنا عَلى أُمَّةٍ وَإِنَّا عَلى آثارِهِمْ مُهْتَدُونَ) أي لا حجة لهم إلا تقليد آبائهم ، الجهلة مثلهم.
القول في تأويل قوله تعالى :
(وَكَذلِكَ ما أَرْسَلْنا مِنْ قَبْلِكَ فِي قَرْيَةٍ مِنْ نَذِيرٍ إِلاَّ قالَ مُتْرَفُوها إِنَّا وَجَدْنا آباءَنا عَلى أُمَّةٍ وَإِنَّا عَلى آثارِهِمْ مُقْتَدُونَ) (٢٣)
(وَكَذلِكَ ما أَرْسَلْنا مِنْ قَبْلِكَ فِي قَرْيَةٍ مِنْ نَذِيرٍ إِلَّا قالَ مُتْرَفُوها إِنَّا وَجَدْنا آباءَنا عَلى أُمَّةٍ وَإِنَّا عَلى آثارِهِمْ مُقْتَدُونَ) أي كما فعل هؤلاء المشركون من دفاع الحجة بالتقليد ، فعل من قبلهم من أهل الكفر بالله.
قال القاضي : وفيه تسلية له صلىاللهعليهوسلم ، ودلالة على أن التقليد في نحو ذلك ضلال قديم ، وأن مقلديهم أيضا لم يكن لهم سند منظور فيه. وتخصيص المترفين ، إشعار بأن النعم وحب البطالة ، صرفهم عن النظر إلى التقليد.
القول في تأويل قوله تعالى :
(قالَ أَوَلَوْ جِئْتُكُمْ بِأَهْدى مِمَّا وَجَدْتُمْ عَلَيْهِ آباءَكُمْ قالُوا إِنَّا بِما أُرْسِلْتُمْ بِهِ كافِرُونَ) (٢٤)