القول في تأويل قوله تعالى :
(ادْخُلُوا الْجَنَّةَ أَنْتُمْ وَأَزْواجُكُمْ تُحْبَرُونَ) (٧٠)
(ادْخُلُوا الْجَنَّةَ أَنْتُمْ وَأَزْواجُكُمْ تُحْبَرُونَ) أي تسرّون سرورا يظهر حباره ، أي أثره على وجوهكم ، كقوله تعالى : (تَعْرِفُ فِي وُجُوهِهِمْ نَضْرَةَ النَّعِيمِ) [المطففين : ٢٤].
القول في تأويل قوله تعالى :
(يُطافُ عَلَيْهِمْ بِصِحافٍ مِنْ ذَهَبٍ وَأَكْوابٍ وَفِيها ما تَشْتَهِيهِ الْأَنْفُسُ وَتَلَذُّ الْأَعْيُنُ وَأَنْتُمْ فِيها خالِدُونَ (٧١) وَتِلْكَ الْجَنَّةُ الَّتِي أُورِثْتُمُوها بِما كُنْتُمْ تَعْمَلُونَ) (٧٢)
(يُطافُ عَلَيْهِمْ بِصِحافٍ مِنْ ذَهَبٍ وَأَكْوابٍ) الصحاف جمع (صحفة) وهي آنية الأكل. والأكواب جمع (كوب) وهو ما يشرب منه كالكوز. إلا أن الكوب ما لا عروة له. قال الشهاب : العروة ما يمسك منه ويمسي أذنا. ولذا قال من ألغز فيه :
وذي أذن بلا سمع |
|
له قلب بلا قلب |
إذا استولى على صبّ |
|
فقل ما شئت في الصبّ |
ومن اللطائف هنا ما قيل : إنه لما كانت أواني المأكولات أكثر بالنسبة لأواني المشروب عادة ، جمع الأول جمع كثرة ، والثاني جمع قلة. (وَفِيها ما تَشْتَهِيهِ الْأَنْفُسُ وَتَلَذُّ الْأَعْيُنُ) أي بمشاهدته (وَأَنْتُمْ فِيها خالِدُونَ وَتِلْكَ الْجَنَّةُ الَّتِي أُورِثْتُمُوها بِما كُنْتُمْ تَعْمَلُونَ) أي من الخيرات والأعمال الصالحات. وقد شبه ما استحقوه بأعمالهم الحسنة ، من الجنة ونعيمها الباقي لهم ، بما يخلفه المرء لورّاثه من الأملاك والأرزاق. ويلزمه تشبيه العمل نفسه بالمورّث (على صيغة اسم الفاعل) فهو استعارة تبعية أو تمثيلية.
القول في تأويل قوله تعالى :
(لَكُمْ فِيها فاكِهَةٌ كَثِيرَةٌ مِنْها تَأْكُلُونَ) (٧٣)
(لَكُمْ فِيها فاكِهَةٌ كَثِيرَةٌ مِنْها تَأْكُلُونَ) أي ما اشتهيتم. و (من) إما ابتدائية أو تبعيضية. ورجح بدلالته على كثرة النعم ، وأنها غير مقطوعة ولا ممنوعة ، وأنها مزينة بالثمار أبدا ، موقرة بها.